أنشأت وزارة التربية والتعليم العالي مديرية التوجيه المهني كجزء من محاربة البطالة. تضم المديرية 15 موجهاً يغطون 20 مدرسة رسمية
سوزان هاشم
بقيت هندسة ميكانيك الطيران تراود علي عقيل حتى الثانوي الثاني، حين اكتشف خلال حصة التوجيه المهني في ثانويته الرسمية أنّ لا مكان لهذا الاختصاص في الجامعات اللبنانية. خلال هذه الحصص تعرّفت فاطمة سلمان إلى كلية التربية في الجامعة اللبنانية التي انتسبت إليها حالياً، ولم تكن قد سمعت بوجودها من قبل. كانت فاطمة تظن أنّ دار المعلمين هي الدار الوحيدة المخولة تخريج الأساتذة في التعليم الرسمي، بينما لم يعد لهذا الأخير أي وجود. هنا تكمن أهمية الحصص التي تنظمها مديرية التوجيه المهني في وزارة التربية والتعليم العالي في الثانويات الرسمية، لا سيما في القرى البعيدة عن العاصمة لمساعدة الطلاب على اختيار الاختصاصات التي تتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم الشخصية. لكن الحصص غير كافية، إذ لا تتعدى 15 حصة في السنة. ثم إنّ المدارس الرسمية التي تطالها المديرية غير ملزمة بأخذ هذه الحصص. ويشرح الأستاذ الموجّه في مدرستي عربصاليم ورومين في محافظة النبطية عبد الرحمن مكي «أننا نعرّف الطلاب إلى الاختصاصات المتاحة أمامهم في الجامعات اللبنانية، وإيجاد البديل في حال غياب الاختصاص المنشود، ما يخفف من حدة الصدمة لدى الطلاب الذين غالباً ما تذهب بهم أحلامهم أشواطاً بعيدة عن أرض الواقع».
ويلفت مكي إلى أنّ حصة التوجيه المهني تساعد التلميذ على اكتشاف ذاته واختيار الاختصاص المناسب لشخصيته، من خلال حلقات الحوار التي تنعقد خلال الحصة، والاستمارات وورشات العمل التي يخضع لها والتي تعزز ثقته بنفسه. يشير إلى أنّ عرض واقع سوق العمل على الطلاب قبل تخصصهم الجامعي هو هدف جوهري في التوجيه المهني، إذ يضع التلميذ وجهاً لوجه أمام حاجات سوق العمل.
وفي ورشة العمل، حسمت الطالبة في الثانوي الأول سمر مكي خيارها المهني بعزمها على الانخراط في عالم تصميم الأزياء، عالمٌ كانت تخشى الدخول إليه لجهلها بوجود معاهد متخصصة في تعليمه من جهة، وعدم إدراكها لكيفية استثماره مهنياً في المستقبل، وبالتالي لم يعد تصميم الأزياء مجرد هواية تمارسها في أوقات فراغها، بل تحوّل إلى مشروع مهنة مستقبلية، وخصوصاً بعدما شرح لها الموجّه مدى حاجة سوق العمل إلى هذا المجال حالياً.
يبدأ التوجيه المهني في المدارس الرسمية اعتباراً من المرحلة المتوسطة، من أجل تحديد وجهة الطالب في اختيار الطريق المهني أو المدرسي، وحتى المرحلة الثانوية. لكن النقص في عدد الموجهين جعل المدارس تتبنى التوجيه المهني الذي اعتمدته في المرحلة الثانوية فقط.
لم يعد الطلاب ينتظرون الأهل أو الجيران ليقرروا عنهم تخصصهم، فيترقب الطالب في الثالث الثانوي يوسف جوني بشغف هذه الحصة في الموسم الدراسي الجديد، التي سمع عنها من خلال رفاقه «أتردد بين اختصاصي إدارة الأعمال والتمريض، وأظن أنّ التوجيه المهني قد يحسم خياري».
من هنا أهمية إلزامية حصص التوجيه المهني التي ينبغي أن تغطي كامل المدارس الرسمية والخاصة أيضاً، ما يوفر على الطالب عناء اختيار الاختصاص الملائم لشخصيته وقدراته، ويختصر الطريق أمامه أثناء بحثه عن العمل بعد التخصص؛ بيد أن ذلك دونه عقبات مادية تعانيها المديرية لتعيين عدد أكبر من الأساتذة الموجهين، كما أن بعض المدارس تفتقد إلى تجهيزات يتطلبها التوجيه المهني (قاعات فيديو وغيرها من وسائل الإيضاح...).
يذكر أنّ المديرية تضم موجّهين من ذوي الاختصاص، حائزين إجازات في الحقوق أو العلوم الاقتصادية أو علم الاجتماع، موزعين على المحافظات، وتغطي 20 مدرسة رسمية يختارها الموجهون أنفسهم.