منطقة صور على موعد مع «معمل عين بعال لفرز وإعادة تدوير النفايات المنزلية الصلبة» نهاية العام الحالي. وبالتوازي مع تحضيرات ميدانية كالتوعية في المدارس، التي بدأت مطلع الأسبوع، تتواصل الإجراءات العملية لإقفال مكب دير قانون ــ رأس العين، المتوقع إثر افتتاح المعمل، في ظل تساؤلات عن ديمومة المشروع على المدى الطويل بعد صرف ملايين المانحين
صور ــ آمال خليل
يستعد اتحاد بلديات صور لافتتاح معمل عين بعال وتشغيله، لفرز النفايات المنزلية الصلبة ومعالجتها، والبدء بإنشاء محطة البقبوق لتكرير مياه الصرف الصحي. ومن المفترض أن يعالج المشروع الأول، تدريجاً، رمي النفايات العشوائي في مكب دير قانون ــ رأس العين. أما المشروع الثاني، فسيتكفّل قطع الطريق أمام تدفّق مياه الصرف الصحي باتجاه البحر. فمنذ بداية التسعينيات، يتمدّد مكب دير قانون رأس العين، تدريجاً نحو البساتين وآبار المياه المحيطة به، فيما تزداد باطّراد مجاري الصرف الصحي المتوجّهة من بواليع المنازل في المنطقة نحو بحر صور.
وحتى بداية العام المقبل، موعد افتتاح المعمل، يُشغل اتحاد بلديات صور بالتهيّؤ لمواكبة عمله. بدءاً من إرشاد الأهالي، وصولاً إلى تأمين أسواق لتصريف ما ينتجه ويفرزه.
وانطلاقاً من مدارس مدينة صور، بدأت أولى الخطوات التحضيرية الميدانية قبل افتتاح المعمل، إذ باشر ممثلون عن اتحاد بلديات صور و«اللجنة الدولية لتنمية الشعوب» جولة على مدارس المنطقة، في إطار مشروع الصحة البيئية وفرز النفايات من المصدر، الذي تنفّذه اللجنة. الجولة تثمر خلال الشهر الجاري توقيع عقود بين المدارس من جهة، والاتحاد واللجنة من جهة أخرى، ينص على تعهد إداراتها الإشراف على فرز طلابها «لنفاياتهم». ومؤقتاً، تحفظ النفايات المفرزة بدءاً من الشهر المقبل في مستودع خاص ومجهّز في مدينة صور، ريثما تنقل إلى المعمل لدى تشغيله ليعاد تدويرها.
وكان اتحاد بلديات قضاء صور قد وقّع اتفاقية مع اللجنة تنصّ على تنفيذها «مشروع التوعية على فرز النفايات في مدارس القضاء على نفقتها الكاملة» بحسب ممثل الاتحاد في المشروع مرتضى مهنا. وبموجبها، يضيف «تقدّم اللجنة إلى المدارس مستوعبات خاصة بالفرز، فيما تنقل كل بلدية النفايات بشاحنتها المخصصة وتفرغها في مستودع صور».
أما المعمل، الذي شارف بناؤه على الانتهاء، فهو «يطابق المواصفات العالمية» بحسب رئيس اللجنة الفنية في بلدية صور حسن دبوق، إذ تلحظ الدراسة الخاصة به «تقنيات عالية مكّنته من الحصول على تراخيص الوزارات المعنية والمموّلين»، وخصوصاً في ما يتعلق ببعده الكافي عن أقرب مركز سكني، والأثر البيئي وإمكانات السوق لتصريف البضائع الناتجة من إعادة التدوير من بلاستيك وحديد وزجاج، وبما أن المعمل يعدّ الأول من نوعه في لبنان، فإن التجربة مقياس نجاحه أو فشله. وتجنّباً للثغر الطارئة كتعطّل إحدى الماكينات، يؤكد دبوق أن «البديل جاهز لاستمرار عملية التشغيل، فضلاً عن تجهيزه بأحدث الفلاتر من أجل الروائح التي من الممكن أن تنبعث من المعمل».
من جهته، يوضح المهندس المشرف على إنشاء المعمل، جلال عبد علي، أن الدراسة «عُدّلت خلال التنفيذ لجهة زيادة المنشآت، فارتفعت كلفة المشروع وتكبّدها اتحاد البلديات». علماً بأن الاتحاد أنفق حوالى مليون و98 ألف يورو من أصل أكثر من مليونين و600 ألف يورو قدّمها كل من الاتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية، فيما تتولى وزارة التنمية الإدارية الإشراف على تشغيله في السنتين الأوليين، وخلالها يجري تدريب طاقم من الموظفين المحليين يوظّفهم اتحاد البلديات ليتولّوا لاحقاً إدارة المعمل. ويوضح عبد علي أن «12 موظفاً يتولّون الفرز اليدوي لحوالى 120 طناً من النفايات المنزلية تنقل يومياً». لكنه يربط نجاح التجربة «بتعاون الأهالي عبر الفرز من المصدر بطريقة جديّة».
ومن المقرر أن يجتمع غداً رؤساء بلديات القضاء للاتفاق على آلية نقل النفايات إلى المعمل، والبدل الذي ستدفعه البلدية عن كل طن منها، فضلاً عن إطلاق حملات، والتوعية بين الأهالي. وإلى جولة ثانية من طلب التمويل، يقول رئيس الاتحاد عبد المحسن الحسيني إنهم بصدد «الطلب إلى الهيئات الدولية تأمين آليات النقل ومستوعبات النفايات لكل بلدية». فالاتحاد في رأيه «لم يعد قادراً على تكبّد المزيد من النفقات وحان دور الدولة».
أما بالنسبة إلى مكبّ رأس العين، فقد يكون القول إن الصوريّين يترقّبون اليوم الذي سينهار فيه تحت أسنان الجرافات أكثر مما ينتظرون تشغيل معمل عين بعال، خالياً من المبالغة. في هذا الصدد أعلن الحسيني أن قائد قوات اليونيفيل كلاوديو غرازيانو «أرسل إليّ قبل شهرين عارضاً المساهمة في التخلص من المكب». فيما اكتفت مصادر اليونيفيل بالقول إن «القيادة تدعم جهود السلطات المحلية اللبنانية في حل الموضوع».
أما وزارة البيئة، فقد أرسلت إلى الاتحاد أخيراً رغبتها الاجتماع به لتبادل الاقتراحات بشأن إقفال المكبّ. علماً أن الاتحاد أنجز منذ 6 سنوات دراسة عن المعالجة، بالتعاون مع جمعيات بيئية إيطالية ومحلية. الدراسة يعرضها الاتحاد للمرة الأولى اليوم في الاجتماع الذي يُعقد في مبنى الوزارة، فيما يعرضها لاحقاً على الأطراف الدولية المهتمة بالإسهام في الحل، علماً أنها تضع في أولويتها إنشاء مطمر في أحد الأودية الواقعة بين البلدات، والبعيدة عن الينابيع المائية وعن المناطق السكنية.
لكن المشكلة لا تكمن في إيجاد موقع جديد للطمر، بل في «معالجة» النفايات المتكدّسة في مكب رأس العين منذ سنوات. فعملية نقل المكب من مكان إلى آخر، لا تعتبر «معالجة». ولعل الخيار الأسلم، كما هو معلوم، هو في إعادة فرزه أوّلاً، تماماً كما حدث في مكب النورماندي، لكنه خيار مكلف، لكون كلفة «النورماندي» وصلت إلى 125 مليون دولار. فكم من الملايين سيؤمَّن لمعالجة مكب رأس العين ولتشغيل معمل الفرز والمعالجة ولإنشاء مطمر جديد، ومن سوف يؤمّنها؟ أسئلة من شأن الإجابة عنها التنبؤ بنجاح مشروع عين بعال أو فشله على غرار ما جرى في كفرصير وعيترون وغيرهما من البلدات.


حوافز الداخلية كلام