هاني نعيمفيما تحتفل الدول المتقدمة بإزالة إشارات السير من شوارعها، بعدما أوجدت حلولاً جذريّة لمشاكل السير والزحمات التي عادةً ما توصف في نشرات الأخبار بـ«الخانقة»، كانت وزارة الأشغال العامة تزعج المواطنين الآمنين في بيروت بإقامة إشارات سير في ما بقي من مناطق تقع خارج نطاق الوسط التجاري.
هذا المشهد ليس بالضرورة مؤشّراً إلى تخلّف لبنان. فعلى الأقل، الكثير من جمهوريّات الموز لا تملك حتى الساعة طرقات مزفّتة أو جسوراً وأنفاقاً، وهذا يعطينا القليل من الأمل ومن الشعور بالتقدم والرقيّ والتمدّن.
ولكن هناك وضع أو حالة مختلفة، تتكرّر يوميّاً في طرقات بيروت، وتحديداً أمام إشارات السّير، حين يبدأ «روّاد» السيارات بإطلاق الزمامير لحظة إضاءة الإشارة الحمراء.
هذا المشهد يقود إلى العديد من التساؤلات:
- لمن يوجّه هؤلاء «زماميرهم»، في ظل «ضياع الطاسة»؟
- هل يعتبر هؤلاء أنّ الإشارة مثلاً قد يتغيّر لونها من كميّة وحجم الزمامير الموجّهة إليها؟
واستطراداً نسأل: ما جدوى هذه الإشارات؟
رغم ذلك، يمكن أن نفهم هؤلاء، فالمسألة ليست «إشارة». لا يزال اللبنانيون، بمن فيهم مطلقو الزمامير، منذ الاستقلال إلى اليوم، يسمعون من طبقتهم السياسية بكل ألوانها أنها تريد «بناء الدولة الحقيقية»، ما يؤكّد وهميّة الكيان الحالي. واللبيب من «الإشارة» يفهم.