عامر ملاعب
التوقيت: مساءً، بعد أن يخيّم الظلام.
المعدّات: أجهزة إضاءة محمولة وأكياس وسلال لوضع «الغلة».
الهدف: التقاط الحلزون أو «البزّاق» باللغة المحلية، من الحقول والأودية البعيدة عن المناطق السكنية.
حالما تتساقط زخّات المطر الأولى في مطلع فصل الشتاء، يسارع الأهالي من أبناء القرى اللبنانية الجبلية إلى الحقول والأودية للتفتيش عن «البزاق». تبدأ الرحلة عادةً في مساء نهار ماطر، بعد غياب الشمس والضوء وانخفاض الحرارة إلى ما دون الـ15 درجة، فحينها، تخرج هذه الكائنات من مخابئها في التراب، لإتمام لحظات تزاوجها. وتمتد رحلة جمع البزّاق إلى ما بعد منتصف الليل.
بعد تجميع كميات البزاق المطلوبة، توضع في أقفاص أو سلال مفتوحة يدخل منها الهواء، وترشّ أرض القفص بكمية من التراب أو من النخالة الجافة المستخرجة من القمح حتى تتمرغ بها هذه الرّخويات وتفرز ما فيها من مادة مخاطية تمهيداً لطبخها بعد أيام أو حتى أسابيع.
فمرحلة الطبخ تبدأ حين يوضع البزاق في أوعية ويخلط بالملح، ثم يغلى على النار. بعدها، يرمى السائل المستخرج وتبقى الحيوانات داخل قوقعاتها ليعاد غليها بكمية أخرى من الماء والملح. وهكذا لعدة مرات، حتى يصبح البزاق نظيفاً وتختفي ترسبات التراب من الماء المغلي. عندها، يرشّ البزاق بكميات كبيرة من مختلف أنواع البهارات والبصل لكي يمتص رائحة «الزنخة» الحاضرة، رغم أن غذاء الحلزون يعتمد على الأوراق الخضراء. يؤكل البزاق مسلوقاً أو يشوى بعد سلقه. «هي رحلة ممتعة يحلّ موسمها مرة واحدة في العام»، كما يقول خلدون العريضي، الذي جمع خلال الأيام الماضية «حوالى 150 بزاقة، ليست كافية لنقيم عشاءً كبيراً للعائلة والأصدقاء».
أما مقبل، فقد عمل على جمع كمية كبيرة منها بهدف البيع، رغم أن الموسم لم يكن وفيراً هذا العام، كما يقول، لأن «كمية الأمطار لم تكن على القدر الكافي لإخراج الحلزونات من مخابئها، التي نسميها نحن المطمورات». ويضيف مقبل إن «عملية الجمع تحتاج إلى خبرات، لأن البزاق لديه طرق في الاختباء والتنقّل والأكل والتزاوج، على الجامع أن يتعرّف إليها كي يستطيع تحقيق بيع مجدٍ، فأسعارها تراوح هذا العام بين الـ15 والـ20 ألف ليرة لبنانية لكل مئة حبّة».
أما تقليد أكل البزاق في لبنان، فمصدره غير واضح. فهو لا ينتمي للمطبخ المشرقي، واستهلاكه محصور في لبنان على بعض الفئات. أما في أوروبا، فاستهلاكه شبه محصور بالفرنسيين الذين حكموا لبنان لفترة، إذ من الممكن أن يكون البعض قد تمثّل بهم آخذاً عنهم هذه العادة. أما في باقي أوروبا وفي بريطانيا خصوصاً، ففكرة أكل البزاق تثير الاشمئزاز عند الجميع.