فايز فارسشكراً للسيد رياض سلامة حاكم مصرف لبنان، شكراً للسيد نعمان الأزهري رئيس بنك لبنان والمهجر، شكراً للسيد ريمون عوده رئيس بنك عوده، شكراً للسيد فرنسوا باسيل رئيس بنك بيبلوس، شكراً للسيد عدنان القصّار رئيس فرنسبنك، وجميع زملائهم في لبنان على سياستهم المحافظة في إدارة أموال الدولة اللبنانية والمساهمين والمودعين في المصارف العاملة في السوق اللبناني التي تفوق المئة مليار دولار. شكراً لكل من ساهم، عن قصد أو من دون قصد، في تحطيم الوجه البشع للرأسمالية الأميركية الخرقاء والمسماة نيوليبرالية. شكراً لرؤساء الدول الأوروبية الذين تمكنوا من التوفيق بين رأسمالية متطلبة وحاجات الناس الأساسية وحماية بعض من أحلامهم بمنزل أو شقة يؤوون إليها ولقمة عيش نظيفة يقتاتونها ولباس لائق يستر عوراتهم
الطبيعية.
إذا كانت المبادئ والأفكار الخلّاقة مهمّة وضرورية من أجل التخطيط ورسم السياسات، فالنتائج المترتبة على تطبيقها تبقى هي الأهم، أي أن الأعمال تبقى أهم من كل الأقوال وكل النظريات. وأتذكر هنا على سبيل المثال، أن الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول اليميني الهوى لم يتأخر مطلع الستينيات في تأميم المؤسسات المالية والصناعية الفرنسية الكبرى بهدف حماية الاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي في فرنسا من محاولات الرأسمالية الأميركية والدولية ابتلاع الأسواق الفرنسية إنتاجاً وتسويقاً.
وأتذكر أيضاً أن زميله الزعيم الاشتراكي الرئيس فرنسوا ميتران قد بادر مطلع الثمانينيات إلى خصخصة كل المؤسسات والشركات التي أمّمها الجنرال ديغول، بهدف السماح للرساميل الوطنية الفرنسية بدخول الأسواق الدولية الحرّة أسوة بجاراتها الأوروبية، وتمهيداً لإطلاق مشروع الوحدة الاقتصادية والسياسيّة الأوروبية الذي بدأ تنفيذه عملياً خلال حكم الرئيس ميتران... والصمود في مواجهة تسونامي العولمة
الأميركية.
تبقى تلك الأسئلة التي يطرحها المواطن العادي في أميركا والعالم: أين ذهبت كل هذه الأموال الطائلة التي تفوق التصوّر؟ وهل سيُحاسب كل المسؤولين عن هذا الانهيار الكبير الذي لم يشهد العالم مثيلاً له منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟ الأمر الأكيد هو أن الخاسر الأول سيكون المواطن الأميركي المكلّف، أي دافع الضرائب، والخاسر الثاني هو مؤسسة «وول ستريت» ومعها نظام إدارة الأموال والممتلكات، مفخرة الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ انطلاقها في تنفيذ مشروع العولمة مالياً وصناعياً واقتصادياً... وعسكرياً، مطلع الثمانينيات.
اليوم، وبعدما تمكّن الرئيس جورج بوش الابن من إقناع الكونغرس بالموافقة على تمويل خطته «الإنقاذية» التي تتطلب بدايةً مبلغ 700 مليار دولار في بلد بلغت ديونه عشرة آلاف مليار دولار... نسي العالم صرخة المسؤول الدولي، أواخر الشهر الفائت، الذي طلب من المجتمع الدولي مبلغ 700 مليون دولار لبرنامجه الغذائي من أجل إنقاذ حوالى مليار جائع في هذا العالم البائس.