خضر سلامة
«تحت وطأة الأزمة التي تعصف بالقطاع المالي العالمي، الشهرة والشعبية لا تمثّلان ضماناً مالياً»، هذا ما يعلنه موقع Cnet في تصنيف يتضمن 11 موقعاً إلكترونياً مهدداً (أكثر من المواقع الأخرى) بالارتجاج والتأثر الشديد، قد تضطر بعض هذه المواقع إلى الإغلاق، والبعض الآخر إلى تقنين خدماته أو رفع بدلاتها، وبعض المواقع قد تضطر لرفع ميزانياتها، ولن تكون الشهرة وحدها كافية لإنقاذ موقع «دايلي موشن» مثلاً، ولن تنفع شعبية موقع «my space» للخلاص من الضغط المالي المستجد، في أزمة تعيد إلى الأذهان الأزمة التي أسقطت برنامج المحادثة الشهير السابق Kozmo.
وقد لفتت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن دخل شركة «ياهو» تراجع بنسبة 64% في الربع الثالث من العام الجاري، ما دفعها إلى صرف حوالى 1500 موظف.
تضاؤل في القدرات الاستثمارية، وفي التمويل اللازم، وفي التوجهات الإعلانية، فيما المراقبون يرجحون أن تعمد الشركات العملاقة إلى شراء المواقع المتوسطة الحجم التي قد تتأثر بالأزمة واستملاكها، فتعمد «غوغل» مثلاً إلى المسارعة في امتلاك المواقع التي تقدم خدمات شبيهة بخدماتها كالبحث أو الموسوعة، كما يمكن أن تدخل شركات الاتصالات على خط المضاربات لاحتلال مكان أكبر على الشبكة عبر شراء المنافسين الصغار.
وفيما اعترف جيوزيبي دي مارتينو، من موقع «دايلي موشن» الفرنسي للفيديو، بتراجع حجم الإعلانات على الموقع، الناتج من انخفاض مردود المؤسسات بسبب انكماش حركة المبيع والشراء، رفض أي تشاؤم حول مستقبل الموقع، مراهناً على خطط الحكومات لدعم المؤسسات المتضررة، أما جون زادونفسكي، المدير المالي لشركة ليندين لاب، صاحبة second life المهدد بالانهيار المالي، فقد أعلن أن أي آثار سلبية حادة لم تظهر بعد على المؤشرات التجارية للموقع، «إلا أنه لا يمكننا أن نغمض أعيننا عن الفوضى الحادة القائمة في الميزان الاقتصادي العالمي، التي قد تصل قريباً إلى عالم الإنترنت».
الأزمة لن تكون شاملة لكل المواقع، حيث سيعتمد بعضها شعار «كن جشعاً حين يكون غيرك خائفاً»، ربما هو عنوان يليق في هذا الوقت بكبريات الشركات العالمية، ففيما تسجل المؤشرات حول العالم خسائر هائلة، وتعتمد معظم المؤسسات سياسات بالتقشف في أعمالها واستثماراتها، سجلت غوغل ربحاً فاق التوقعات بحسب مجلة les echos الفرنسية، بارتفاع فاق الـ26% بالنسبة إلى الفصل الثالث من العام الماضي، هذه الأرباح، بحسب ايريك شميدت، المدير العام لغوغل، من أهم أسبابها هي الأزمة المالية العالمية نفسها! حيث يعمد كبار المستخدمين إلى المداومة على البحث والتعاقد مع غوغل لمتابعة المناقلات المالية وهبوط الأسعار والأخبار العالمية، من أجل مواكبة العمل، كما أن انخفاض المبيعات العالمية، «يدفع بقطاع الإعلان إلى زيادة اعتماده على المواقع الكبيرة من أجل الترويج للسلع، على حساب المواقع الصغيرة» بحسب شميدت، الذي يعترف بأن «السمك الصغير» سيموت تحت وطأة هذه الموجة التي تنحصر شيئاً فشيئاً بالكبار، متوقعاً آثاراً قريبة على بعض الشركات العاملة في صناعة الإنترنت والتجارة الافتراضية، إذا تدهورت الأزمات أكثر.
هل هي عودة لـ«فقاعة الإنترنت» التي ضربت الاقتصاديات العالمية عام 2000؟ لا يمكن لأحد التنبؤ بذلك بعد، ولكن الأكيد بحسب موقع Techcrunch، أن العامل الحاسم في الموضوع ليس بالضرورة «أي المواقع أحسن تمويلاً؟»، بل أيهما أكثر ثباتاً و«حظاً» في لعبة الأسهم والاستثمار، وخصوصاً أن أزمة عام 2000 لم تخرج منها كل المواقع الأوفر مالاً بالضرورة سالمة، الأسئلة لا تزال غامضة أمام صناعة الإنترنت اليوم، لا سيما أنه لا أحد قادر بعد على التكهن بحجم الأزمة المالية جدياً.