strong>«أبناؤنا رهائن لدى الدولة. وسيُفرَج عنهم عندما توقِف الأجهزة الأمنية المجرمين الحقيقيين». بهذه الخلاصة خرجت عائلات أيمن صفوان ومصطفى الصعيدي وصائب الدقدوقي، الموقوفين منذ نيسان 2007، بتهمة المشاركة في جريمة قتل زياد الغندور وزياد قبلان، ثم رمي جثتيهما في جدرازياد الغندور وزياد قبلان أُعدِما يوم 23 نيسان 2007 بحسب ما ترجّح تقارير الطب الشرعي بعدما خُطفا لمدة ثلاثة أيام. بشاعة الجريمة لا تخفي نداء عائلات 3 من الموقوفين في القضية، وتحدّثها عن تجاوزات جرت مع أبنائها خلال التحقيق. القضاء اللبناني، في القرار الصادر عن قاضي التحقيق العدلي مالك عبلا يوم 1/9/2008، يتّهم أشقاء الشهيد عدنان شمص (عباس وعلي وشحادة ومحمد وعبد الله) باختطاف الزيادين ثم قتلهما في مكان لم تتمكّن القوى الأمنية بعد من تحديده. وينسب القرار الاتهامي إلى مصطفى الصعيدي وأيمن صفوان وصائب الدقدوقي ووسام عرابي بأنهم شاركوا في الجريمة. المتهمون الرئيسيون لا يزالون متوارين عن الأنظار منذ تنفيذ الجريمة، أما عائلات الموقوفين صفوان والصعيدي والدقدوقي، فتؤكد أن «الأشقاء شمص موجودون في مكان معروف للأجهزة الأمنية».
القرار القضائي يذكر أن صفوان والصعيدي «اعترفا بإخفاء سيارتين» عائدتين للأشقاء شمص، وبتسهيل «فرار شحادة شمص عبر إيصاله إلى منطقة المشرفية».

الصداقة في التحقيق الجنائي

القاضي عبلا يذكر أن صفوان والصعيدي انتقلا «بعد تنفيذ الجريمة إلى برجا، مع عبد الله شمص، حيث التقوا هناك بكل من شحادة وعباس شمص». لكنه لم يذكر أن السيارتين المختفيتين (تويوتا وبيجو) استخدمتا في الجريمة، مشيراً إلى أن الأشقاء شمص استخدموا «عدة سيارات، بينها واحدة BMW وأخرى من نوع مرسيدس». أما سَهَر صفوان والصعيدي مع الأشقاء شمص بعد اختطاف الزيادين، فتستغرب والدتا الموقوفين أن يُنظَر إليه على أنه جريمة. فمجالسة متهمين ليس جرماً جزائياً. وإن كان المتهمون شمص (على فرض إدانتهم) قد أقروا أمام أصدقائهم باختطاف الزيادين وقتلهما، فإن عدم إبلاغ السلطات بوقوع الجريمة هو جريمة يعاقَب عليها بالحبس من سنة إلى 3 سنوات، بينما قضى الموقوفون في السجن سنة ونصف من دون أن تبدأ محاكمتهم.
القرار الاتهامي ذكر أن الدقدوقي «اعترف بعلاقة الصداقة الحميمة التي تربطه بعبد الله شمص، وأنه كان قد أمضى وإياه سهرة في 16/4/2007» (قبل 7 أيام من الجريمة). كذلك يذكر القرار «اجتماع كل من المدعى عليهم عبد الله وعباس وشحادة شمص وأيمن صفوان ومصطفى الصعيدي في مكان عمل الدقدوقي في مركز الدفاع المدني في برجا بعد تنفيذ الجريمة مباشرة، وإيوائه للمدعى عليهما عبد الله وعباس شمص لليوم التالي». بينما عائلة الدقدوقي تكرّر القول إن «اجتماع الأصدقاء ليس جرماً يعاقب عليه القانون، وإن كان في تلك السهرة مجرمون مفترضون، فإنهم لم يبوحوا لصائب بتنفيذ الجريمة». أما إيواء اثنين من الأشقاء شمص، فتنفيه زوجة الدقدوقي، مؤكّدة أنه نفاه أيضاً أمام المحققين، وكذا فعل الموقوفون الآخرون. ويلفت في هذا الجانب عدم قول القاضي إن الدقدوقي اعترف بما ذُكِر.
يبقى الدليل الأبرز الذي ساقه القضاء ضد الدقدوقي: بعد تنفيذ الجريمة «تلقى صائب اتصالاً من شحادة شمص، أخبره خلاله أنه اضطر لإيقاف سيارته (تويوتا، حمراء اللون، لم ترد في القرار أي إشارة إلى استخدامها في الجريمة) على أوتوستراد جدرا، بعدما فوجئ بحاجز لقوى الأمن الداخلي ولاذ بالفرار». ويتابع القرار: «طلب شحادة من صائب مساعدته لنقل السيارة من مكان توقفها. عندها، توجه صائب يرافقه مصطفى الصعيدي إلى مكان وقوف سيارة شحادة شمص بعدما أرشده إليها الأخير. وعندما وصل الاثنان بسيارة صائب، وجدا أن عناصر قوى الأمن تطوق سيارة شحادة، فتدخل لديهم صائب لكونه معروفاً منهم. وبعدما أخبرهم صائب أن السيارة هي لأحد أقربائه، سمحوا له بنقلها من مكانها، فكلّف الصعيدي بنقلها». يمكن النظر إلى هذه الحادثة على أنها دليل على تورط صائب في الجريمة (في حال كون الأشقاء شمص قد اقترفوها)، إلا أن زوجة الدقدوقي تؤكّد أنه قدّم المساعدة لشحادة، لأن الأخير قال له إنه لا يحمل سوى وكالة بيع للسيارة المذكورة منتهية الصلاحية، وإنه خشي حجز القوى الأمنية لها. وتضيف أن زوجها، لو كان مشاركاً في الجريمة، لترك السيارة في مكانها، ولما بادر إلى الاتصال بشحادة من داخل مخفر برجا.
كلام الأهالي يواجه بواقع صعب. فالقاضي عبلا اتهم أبناءهم بالمشاركة في الجريمة، في حين أنه اتهم أشخاصاً آخرين، «كانوا أقرب لآل شمص من أبنائنا» بجرم كتم معلومات وإخفاء سيارة، ثم أخلى سبيلهم بكفالة مالية قبل نحو 5 أشهر.