منذر عواضةلن نردّد في تبجيل التعليم المهني والتقني ومدحه شعار البعض: «إن التعليم المهني والتقني لم يعد مأوى للفاشلين»، وحسبُ أولئك الدفاع عنه، لكنهم، يخفقون من حيث لا يشعرون، حتى في دفاعهم. إنما ما يجب أن نقوله في حق هذا التعليم: إن التعليم المهني والتقني ليس مأوى للفاشلين ولن يكون، فننصف في قولنا هذا التعليم ويكون قولنا بمثابة مرآة كبيرة تعكس واقع هذا القطاع المنتج. إن هذا القطاع كان ولا يزال مأوى للفقراء والمستضعفين وليس للفاشلين، لأولئك الذين استحالت عليهم مدارس وجامعات ذوي الدخل غير المحدود. من العدل والإنصاف والحق، أن يُرى هذا القطاع بكل مكوّناته، وأولها المعلمون فيه كما هو، لا كما يريد البعض أن يراه. أن يُرى بعين صادقة تعبّر عن صدق الواقع، بعين ترى فيه القدرة على البناء والصناعة والإنتاج، فهو لا سواه مَن يخلق الأيدي العاملة الفنية الماهرة التي تنتج أينما حلّت، فتفعم المصانع بالنشاط وتدب الحياة في الاقتصاد.
إن النظرة الدونية للتعليم المهني والتقني لها تبعاتها السيئة والوخيمة، لأنها تشمل جميع مكوّناته فتضر بها. لذلك ندعو للإقلاع عن هذه النظرة المجحفة والباطلة للبعض، الذي أوكل إليه شيء من أمر قطاعنا، فحسب نفسه «أميراً» عليه، وراح يطيحه جملة، والمعهد الفني التربوي وأساتذته وطلابه وشهاداته بصورة خاصة، وجهل أو تجاهل أن هذا المعهد يخرّج أساتذة منذ أكثر من 20 عاماً، وأن غالبية مديري المعاهد والمدارس هم من خرّيجي هذا المعهد. وينسى «أميرنا» أن معهده الذي يشيد به على الدوام وإن أُلحق بالتعليم العالي أخيراً يبقى وليد الساعة! وإن كان «أميرنا» قد جعل نفسه مصلحاً فنقول له «على المصلح أن يصلح ما هو فاسد، لا أن يفسد ما هو صالح».