أمل ديب«عاطل ومش عاطل»، بهذه الكلمات يصف فريد نفسه. الشاب البالغ من العمر 21 عاماً يعيش حياة مختلفة عن أقرانه. هو لا يتعلم، لا يعمل، بل تقتصر حياته على البحث عن تلك الوظيفة التي «تلبّي طموحاته». فريد المتطلّب والطموح لا ينفك يذكر أنه مميّز، مثقف، مع أنه لم ينل شهادة، ولو نالها لكان «حط بحصة» لكل أصدقائه وتفوّق عليهم في الدراسة.
أما السبب في بطالة فريد فليس انعدام فرص العمل، بل طموحه الذي لا يرضى بأي عمل، وهروبه من الأعمال الروتينية التي تسبّب له الملل بسرعة.
ترك فريد المدرسة عندما كان في الخامسة عشرة من العمر، مع أنه كان «شطّور» حسب قوله، لكنه يعزو سبب تسرّبه المدرسي إلى قلة المسؤولية وعدم الوعي، ويصنّفه في خانة الظروف الاجتماعية. «الأهل دفعوا دم قلبهم وسجّلوني في معهد تقني، لكني اعتقدت أني لست بحاجة إلى العلم، وغرّني المال»، يقول الشاب. اصطدمت أحلام فريد بالواقع، فراح يتنقل من عمل إلى آخر، ومن تجربة إلى أخرى، بعيداً عن الاستقرار الذي يبغيه. أول تجربة له كانت في معمل «بطاطس التشيبس».
توافرت فيه الصفات المطلوبة: قريب من المنزل، لا يتطلّب مجهوداً كبيراً ويوفّر مبلغاً لا بأس به من المال. لكنه سرعان ما ملّ من العمل: «أحسست بأني آلة لا أكثر». انتقل فريد إلى عمل غير شرعي: تجارة السلاح. شاب في السادسة عشرة من العمر يشتري مسدساً 5.5 ملم من أحد التجار ثم يبيعه للمهتمّين. لكن الأمر لم يطل، إذ سرعان ما اكتشف أهله الموضوع، فأبعدوه عن العمل و«طلعت براءة». بعد هذه التجربة، عاد فريد إلى الثانوية، ومع أن علاماته كانت جيدة، ترك المدرسة بعد ثلاثة أشهر لشعوره بأنه كبير على صفّه. وما لبث أن عاد إلى حالة الزعزعة النفسية: إما العلم أو العمل. عندها، وجد فرصة أخرى للعمل في شركة «ترابة». لكن القدر عاكسه مرة أخرى، فعاد عاطلاً عن العمل أثناء عدوان تموز. بعد عام، وعند حلول فصل الصيف، بدأ فريد «أول عمل مضجر بكل معنى الكلمة» كما يصفه، إذ عمل منقذ (Life Guard) في أحد المنتجعات السياحية في المنطقة. وما لبث أن قدّم استقالته احتجاجاً على الراتب. اليوم عاد فريد إلى مقاعد الدراسة «متحدّياً الحياة التي ظلمتني»، محاولاً نيل شهادة البكالوريا ــــ القسم الثاني، أملاً بمستقبل أفضل لا ملل فيه.