قاسم س قاسمعندما وضع قانون السير القديم، عام 1968 كان عدد السيارات في لبنان خمسين ألفاً. تطورت شبكة الطرقات وتزايد عدد السيارات إلى مليون وربع مليون في 2004، وكان هذا التزايد سبباً رئيساً في ارتفاع عدد حوادث وضحايا السير، حتى بلغ حوالى 800 قتيل سنوياً. كل هذه الأسباب دفعت المعنيين للبحث عن حل. من هؤلاء «تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية» (YASA)، الذي أسّسه زياد عقل. والذي يعمل حالياً، بالتنسيق مع الجهات الرسمية المختصة، على مشروع قانون عصري للسير يغطي النواقص التي غفل عنها القانون الحالي، كما يسهم في نقل لبنان من مرحلة فوضى السير إلى تنظيم قواعد المرور، السلامة العامة.
لكن مشاكل كثيرة واجهت الجمعية، وخصوصاً لجهة «انتقادات المستفيدين من القانون الحالي»، كما يقول عقل. ويعدّد «أصحاب مكاتب السواقة، فاسدون في هيئة إدارة السير، وبعض المستفيدين من الفوضى».
الانطلاقة الأولى للمشروع كانت في 2005 بتسجيل مسودة القانون الجديد في البرلمان اللبناني، ثم أُلّفت لجنة نيابية موسعة في شهر آب التالي لدراسة مسودة القانون، انبثقت عنها لجنة مصغّرة ضمت :مجلس الإنماء والإعمار، المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، نقابة المهندسين، والجمعيات المختصة. وصل القانون عام 2006 إلى لجنة الإدارة والعدل بإشراف القاضي شكري صادق، الذي تخلّى عن مهمّاته التطوعية وانتقل إلى المحكمة الدولية ليحلّ مكانه القاضي فوزي خميس. توقف العمل في القانون نتيجة العدوان الإسرائيلي عام 2006، وكان من المفترض أن يجري إقراره في كانون الثاني 2007. مع انطلاقة عام 2007 بدأت اللجنة المصغرة اجتماعاتها الأسبوعية لدراسة القانون الجديد، وإضافة التعديلات عليه ولا تزال هذه الاجتماعات مستمرة حتى اليوم، إذ إن المعنيين يتوقعون إقراره في كانون الثاني 2009.
يتحدّث زياد عقل عن هذا القانون الذي تطلّب العمل عليه سنوات طويلة، واصفاً إياه بأنه «يتطرق إلى جميع مشاكل السير في لبنان، كما يضع الأسس الواضحة لقانون عصري يراعي المواثيق ويحدّد الآليات الدقيقة والحديثة للحصول على إجازة السوق وفق المعايير المعتمدة دولياً». قسّم هذا القانون إلى خمسة محاور رئيسية جرى إقرارها بعد تقرير قدمه فريق استشاري سويدي «سويرود» الذي حدّد المشاكل التي يعانيها تنظيم السير على الطرق اللبنانية. كما تتناول هذه المحاور عدة نقاط، منها إقامة قاعدة بيانات خاصة لكل سائق، اعتبار دفتر السوق امتيازاً مؤقتاً يمنح للسائق الملتزم بقانون السير، التشدد في العقاب وسحب رخصة السوق في حال المخالفة، تصاعدية الغرامة والعقوبة التي لا يتّبعها القانون اللبناني الحالي، وتنظيم سير المركبات الثقيلة.
مع اقتراب انطلاقة القانون الجديد (في حال صدوره)، سترافقه حملة ضغط عبر الوسائل الإعلامية من أجل التأثير على الرأي العام، وبالتالي، تحسين الوضع القائم على الطرقات. ويأمل عقل «أن هذا القانون سيخفف من حوادث السير، وسنرحم 200 عائلة تقريباً، هم معدل الضحايا، من فقدان أحد أفرادها». مع بدء حملة التشدد في تطبيق قوانين السير الذي أعلنته وزارة الداخلية مطلع الأسبوع، فإن المسؤولين في اليازا يحيون مبادرة وزير الداخلية زياد بارود، معلنين بأن قانون السير الحالي غير مطبّق في لبنان بالأصل، على أمل تطبيقه وإقرار قانون السير الجديد الذي يواكب التطورات العصرية الحاصلة.