خزامى كنفانيبعدما كبرت، استمرّت المشكلة ذاتها عندي، لا أعرف كيف أرسم؟ حاولت رسم تشي غيفارا ولم أعرف. ثم حاولت أن أرسم وجه الصبية التي أحببت، ولم أستطع، فجرّبت رسم عينيها وباءت جميع محاولاتي بالفشل.
اقتنعت أخيراً بأن عباس الموسوي شهيد، وعرفت معنى شهادته عندما رأيت جورج حاوي شهيداً. لم يعد بشير الجميّل وسمير جعجع بنظري سوى ضحيتين من ضحايا الحرب الأهليّة، لكنهما ضحيتان أبكتا آلاف العائلات، فلا أعرف إذا كانا يستحقان أن أبكي من أجلهما، تماماً كوليد جنبلاط ونبيه بري وغير هؤلاء كثر. لذلك هم ليسوا ضحايا، ولن أبكي أياً منهم، ولن أحزن أبداً إذا ما تمت محاسبته بأي طريقة، فوالدي يقول: «الله عندو حجارة يراشق الناس فيها».
لكن ومع ذلك لم تطوّر مهاراتي بالرسم، ونتيجة لذلك أصبحت إنساناً مكتئباً «وعندك وسواس» كما قال طبيبي المعالج. كذلك أسهمت مشكلة الرسم بتطوّر عدّة أمراض بيولوجيّة عندي.
ومع الوقت أيضاً، تبيّن لي أن المشكلة ليست في ما لا أعرف رسمه. المشكلة في ما عرفت رسمه، أي في الأرزة. إن اكتائبي هو نتيجة وجود أرزة في لبنان، وأحزاب وقوى تقتنع بهذه الأرزة، فيما أنا من أنصار السنديانة، وإن شئتم، السنديانة الحمراء.