البقاع ـ أسامة القادريلم يكن خالد العبيد يعلم أن القدر ينتظره خلف الشاحنة التي كان يعمل على إصلاحها في الأول من شهر رمضان الفائت، لترجع عليه وتحطم عظامه، وتقعده عاماً حتى اليوم من دون حراك. تُرِك خالد بعد الحادث معلّق المصير على قارعة القدر ،إن لم تشفِ العمليات الجراحية ما هشّمه الحادث.
يشير خالد بقرف إلى الجهاز المعلّق في رقبته، والذي تتوزع منه الخراطيم. «شو ذنبي لَضَلْني معلّق هالقرف برقبتي سنة؟». ثم يقول إن «الحادث الذي تعرضت له، هو خطأ السائق، وبسببه انكسر حوضي ورجلي، وما زلت غير قادرٍ على المشي عليها. هذا كله ليس مهماً مقارنة بالشريان الذي انقطع، والذي سبّب لي كل هذه المشاكل. وليس باستطاعتي ولا أهلي تحمّل تكاليف العملية الجراحية، بعد تهرّب صاحب المحل وشركة التأمين من تكاليف العلاج». أما عن دور القانون، فيبتسم شقيقه علي العبيد قائلاً: «قيل لنا إن القانون لا يحمي المغفّلين».
علي الذي كلّفته العائلة بمتابعة ملف أخيه عند القضاء وقوى الأمن يشرح كيف «غُدِر بوالدي الأمّي عند كاتب العدل، بحضور صاحب المرأب ومحاميه». ويشرح كيف «تمكّن هؤلاء من أخذ بصمة والدي الأمّي على توكيل عام لا علم له به، مقابل 1500 دولار أميركي!»، واستطاع المحامي بموجبه أن يسقط الدعوى ويتراجع عن حقوق خالد العبيد الواجبة على صاحب المحل وشركة التأمين. يستطرد علي متسائلاً «طيّب مين بيحمي الفقراء والضعفاء». يشرح علي بحسرة ما حذّره منه الطبيب المعالج لأخيه: على خالد الخضوع لعملية إصلاح المثانة نهاية الشهر قبل أن تسيطر الالتهابات عليه ويصعب بعدها أي علاج، مما يهدد حياته. ويتابع «بعد تهرّب شركة التأمين ووزارة الصحة، قالوا لنا إن العملية في الشام أرخص. قصدنا دمشق فعرفنا أن تكلفتها 700 ألف ليرة سورية، ولا يوجد معنا منها 7 آلاف». يعود خالد بذاكرته إلى لحظة الحادثة، مشيراً إلى أنها وقعت نتيجة «غلطة» السائق الذي كان داخل الشاحنة، مؤكداً أن صاحب المحل وقّع إقراراً بدفع جميع الأكلاف للمستشفى التي كان يعالج فيها. وما إن خرج من المستشفى حتى امتنع جميع المعنيين عن تكاليف العلاجات الباقية لديه، والتي تحدد له مصير حياته. كما لم تنفع معه عمليات الترميم التي أجريت له ليبقى بحالة تشبه المقعد.