بسام القنطارلم يكن مروان م. يدرك أن رادار الشرطة بانتظاره قبالة نفق الأوزاعي عند الساعة 10.30 صباح أمس. مرت ثوانٍ سريعة قبل أن يلمح «الجيب» الأبيض المركون إلى جانب الأوتوستراد الذي عاجله بتسجيل مخالفة كانت تنتظره على مسافة 100 متر. هناك ركن سيارته إلى اليمين بأمر من الشرطي وبدأ الحساب. مخالفة سرعة، وأخرى لعدم استخدام حزام الأمان، وثالثة لعدم وجود إطفائية. يعترف مروان بأنه كان عليه تذكر وضع الحزام، وخصوصاً أنه قرر ذلك منذ السبت الفائت، بعدما عرف أن هناك «يوماً أمنياً»، كما يحلو له أن يسميه. لكنه حانق من مخالفة السرعة. يستشيط غضباً عند تذكر الأمر ويقول: «أنا بمشي أسرع من هيك على الأوزاعي. أساساً الريحة بتقرِّف، وما فيك تمشي ببطء وإلا بتموت من الريحة. بعدين وين إشارة تحديد السرعة؟ يمكن قلعوها. حتى عبّارات الحديد بالأوزاعي قلعوها، بدك يتركوا إشارات السرعة؟ أخت هلبلد أخو هيك وهيك».
من برج المر إلى الحمرا كان المشهد مختلفاً. فالسيارات الآتية بمعظمها من الأشرفية عبر جسر «الرينغ» يصطف السائقون بداخلها كالعسكر المرصوص، وكلهم يضعون حزام الأمان. تمر 22 سيارة قبل أن ترى سيارة مخالفة. هذا الانضباط ليس طبيعياً. فمعظم هؤلاء «ذاقوا المغراية» قبل أن يصلوا إلى الحمرا، بحسب سائق تاكسي كان يستعجل الراكب بجانبه ليضع الحزام قبل أن «يأكل الدكة». عشرات المواطنين عادوا أمس إلى بيوتهم محمَّلين المخالفات التي أُضيفت إليها عقوبة سحب رخصة السوق. أما المشهد «الجميل»، فالأرجح أنه سيكون اليوم أمام سرية الدرك، عند مستديرة الطيونة حيث سيقف المخالفون بالصف لدفع المخالفات واستعادة الرخص.
يجمع المخالفون ممن التقتهم «الأخبار» على أن سبب مخالفتهم هو عدم التعود على فكرة وضع حزام الأمان. بالنسبة إلى ديانا ن. فإن «الضبط» وسحب رخصة السوق لن يثنياها عن المخالفة مجدداً. هي شعرت بغبن عميق عندما كانت تشاهد السيارات تمر بجانبها عندما كان شرطي السير يحرر المخالفة. «لم يكن الجميع قد وضعوا حزام الأمان، لكن الشرطي اختارني أنا، لماذا؟». وتعترف بأن الحزام لم يكن مخالفتها الأكبر، فزجاج سيارتها «مفيّم» لكن الدركي لم يلاحظ.
جاك ش. كان غاضباً أيضاً من مفاعيل «اليوم الأمني» الذي طاله بمخالفة إطفائية في «نيو رانج» موديل 2006. «عشت 5 سنوات في باريس، ولديّ 12 نقطة سوداء في رخصة السوق الخاصة بي هناك. لكنها كلها مخالفات سرعة أو تجاوز إشارة. أما اليوم في لبنان فلقد طالتني الطفاية «أنكرويابل» (غير معقول بالفرنسية). أتحدى أن تحرر مخالفات في أوروبا على عدم وجود طفاية في السيارة، هذه بدعة لبنانية». تقاطعه سيدة كانت تجالسه على الغداء: «كل هل قصة رح تضل شي أسبوع وبتخلص. أساساً هني ما بدن يطبقو الأوردر (النظام) يروحو يزبطو الجوَر قبل ما يحكو بالطفاية! هيدي شغلة سحب مصاري وبس. عندن «مونتان» (مبلغ) بدو يطلعوه وبعدين بيفلو».
نهار الاثنين لم يمر على خير إذاً. واللافت أن السائقين العمومين كانوا الأكثر انضباطاً. ربما لأنهم الأكثر حركة طوال النهار. لكن هؤلاء يراهنون على أمر واحد «أزمة وبتفرج بكرا».


«بدن عِملة»

«أف نسيت إنّو اليوم بدن يكمّشوا العالم»، يقول سائق التاكسي بإرباك. «شو الهيئة في هون نقطة للتفتيش حد تلفزيون لبنان»، يتابع السائق حديثه وهو يبحث عن حزام الأمان. نسي أيضاً أنّه علّق الحزام على مقبض المقعد الخلفي. يسأل: «وين القشاط؟». يكتشف المكان بعد هنيهة ويحاول أن يسحب الحزام إلى الأمام، لكنّه لا يفلح في نزعه. يعرض أحد الركاب عليه المساعدة من دون جدوى. يقرر أن يضعه على يده قبل أن يصل إلى الشرطي. يبتسم لأنّ هذا الأخير لم يره. «بس اليوم ما فينا كتير نزمط لأنّو هلق بيكون في كذا محطة بالبلد»، يقول. يجتاز الحاجز ويركن السيارة جانباً «بدي زبّط القشاط، القصة مش لعبي». يرتاح على وضعه قبل أن يدردش مع الركاب: «هيك بيصيروا يشددوا بس يقرب الميكانيك». يجيبه أحد الركاب «ولا شي بدن عِملة».