ساد التريّث اليوم الأول من التسجيل في المدارس الرسمية في طرابلس. المدارس فتحت أبوابها، إلا أنّ أحداً لم يتسجّل من الطلاب القدامى أو الجدد
طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
«لم نسجّل أحداً من التلامذة حتى الآن». يكرر سائر موظفي مدرسة «النموذج الرسمية للبنات» في شارع الجميزات بطرابلس هذه العبارة. ويعزو الموظفون سبب تأخّر الأهل في تسجيل أبنائهم إلى انتظارهم اللقاء الذي سيعقد غداً في قصر الأونيسكو، بدعوة من وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري لمناقشة موضوعات تربوية عدة، منها الإعفاء من رسوم التسجيل.
ملعب المدرسة وردهتها الرئيسية وصفوفها فارغة تماماً. «وضع كل المدارس يشبه حالتنا»، تقول مديرة المدرسة. وتستغرب كيف أنّ طلاب الصفوف الابتدائية المعفيين أصلاً من الرسوم لم يأتوا للتسجيل. هؤلاء لا يجب عليهم سوى دفع رسوم صندوق الأهل، أي بحدود 50 ألف ليرة فقط.
لكن اللافت أنّ حركة النزوح من المدارس الخاصة نحو المدارس الرسمية ومنها «النموذج»، لأسباب اقتصادية، مستمرة، إذ «جاءنا شخص يستفسر عن إمكان تسجيل ابنتيه في مدرستنا، مؤكداً أنه لم يعد يستطيع تحمل نفقات التعليم في تلك المدارس»، يقول موظفو الإدارة في المدرسة.
في موازاة ذلك، تنشغل أوساط دائرة التربية في الشمال هذه الأيام بترتيبات لوجستية تسبق انطلاق العام الدراسي. كما تعقد بشكل دائم اجتماعات تنسيقية مع مسؤولي المدارس الرسمية في مناطق الشمال كلها، بإشراف رئيس الدائرة حسام الدين شحادة. وأشارت أوساط الدائرة إلى أنّ تعليمات وصلتهم من مكتب وزيرة التربية تقضي بـ«عدم جباية أي رسم تسجيل من التلاميذ حالياً». وتوقعت هذه الأوساط أنّ تتحمل إحدى الجهات المانحة نفقات رسوم التسجيل على عاتقها».
غير أن بعض المدارس الرسمية التي أوت نازحين من مناطق باب التبانة والقبة والمنكوبين أثناء الاشتباكات الأخيرة، لا تزال تنتظر إخلاء ما بقي من عائلات فيها. وكانت هذه العائلات قد رفضت الخروج قبل ترميم منازلها المهدّمة والمحترقة، أو إعطائها تعويضات مالية كافية، وخصوصاً المقيمين في مدارس النصر في الميناء، ومي والجديدة في الزاهرية. وهذا من شأنه تأخير افتتاح العام الدراسي فيها، نظراً لحاجة هذه المدارس إلى وقت للتنظيف والصيانة وتصليح الأضرار فيها.
لكن مشاكل انطلاق السنة الدراسية لم تقتصر على المدارس، بل امتدت إلى المكتبات. وفي هذا الإطار، يلفت صاحب مكتبة «بوك شوب» في محلة البولفار حسن عطية إلى أنّه لم يبع أي كتاب للمدارس الرسمية حتى الآن، «وكذلك الأمر بالنسبة إلى القرطاسية، التي، وإن ارتفعت أسعارها قليلاً، إلا أنها لا تزال مقبولة بالنسبة إلى غالبية المواطنين، كل حسب إمكاناته المالية».
لكن عطية كشف أنّ شائعات تنتشر بكثرة في طرابلس حالياً عن أنّ هناك جهات مانحة ستقدّم الكتب والقرطاسية للتلاميذ مجاناً. والحديث عن الإعفاء من رسوم التسجيل، دفع غالبية الناس إلى التريّث في الإقدام على الأمرين معاً.
يشير عطية إلى أنّ نفقات شهر رمضان وعيد الفطر، تدفع العائلات إلى عدم الالتفات حالياً نحو هموم العام الدراسي، وتأجيل ذلك حتى مطلع الشهر المقبل. وينتظر بعض الأهالي معرفة مصير رسوم التسجيل، كذلك فإنّهم يبحثون عن سياسيين وجمعيات وهيئات خيرية تقدّم مساعدات في هذا المجال.