مهدي زكريا شاهينإنني مواطن لبناني سمعت بالنبأ المؤسف في الإعلام عن استشهاد المنقّب عن القنابل العنقودية في بلادي المرحوم فان بيتر غيم وهو ينتمي إلى الكتيبة البلجيكية ـــــ اللوكسمبورغية فتحركت فوراً في أعماقي أحاسيس إنسانية بكل ما في الكلمة من معنى، ودفعتني للتعبير باسم الغالبية من أبناء وطني تجاه هذا الحادث الأليم، ولو كنّا لا نعرف شخصياً فقيد السلام والإنسانية فمن الواجب علينا المشاركة في تخفيف الحزن عن ذويه. لقد تجاوزت مثل غيري من اللبنانيين كل الأحداث والبرامج والأخبار والمناسبات الرائجة في بلادنا في هذه الأيام، لأتوقّف عند دلالات شهادة هذا العسكري الشجاع الذي كان يهاجم الموت لإنقاذ الآخرين من الناس الذين لم يعرفهم ولا هم قومه ولا أهله، إنما تجمعه بهم صفة الإنسانية التي ارتقى فيها إلى أعلى الدرجات.
نعم، فهو في مهمة ولو قيل إنها لحفظ السلام في منطقة جنوب لبنان، في أعقاب حرب تموز القاسية، فالحقيقة أنه جاء لتقديم السلام والأمن والنجاة إلى كثيرين من الرجال والنساء والأطفال الذين لم يسبق له أن عرفهم ولا يعلم أيّاً منهم لمَن يمكن أن يصادف لغماً أرضياً أو قنبلة عنقودية فيتأذّى منها أو يُقتل، فما كان منه إلا أن أخذ يعمل مع فريقه في نزع أسباب القتل من أمام مواطنينا حتى افتدى بنفسه أولئك الناس فاستحقّ عن جدارة صفة الشهيد الذي قضى في سبيل رد الأذى عن سواه وبذلك تنادي كل الشرائع السماوية.
وباسم كل تلك الشرائع، يهمنا أن تعرف أسرة المرحوم فان بيتر غيم أن الشعب اللبناني يثمّن له عالياً تضحيته بروحه من أجل الآخرين ومن أجلنا، ونرى أنّه واحد من الذين دفعوا حياتهم ثمناً لهدف نبيل ونتمنى أن يصل صوتنا إلى كل المختصين بالفقيد فان بيتر غيم من أهل وأقارب ورفاق سلاح وأركان دولة.