كامل جابرهي الحاجة الملحّة وحلم الناس بقطرات مياه تتسرب مجدداً إلى أنابيب منازلهم، بعد غياب دام أكثر من أربعة أشهر، دفع بأهالي بلدة ميفدون (النبطية) للنزول إلى الشارع وحرق الإطارات وقطع الطريق، احتجاجاً «على الإجحاف والظلم». «عطشانين بدنا ميّ». بهذه العبارة صرخت حناجر النسوة قبل الرجال والأطفال المحتشدين خلف إطارات مطاطية أشعلوها وسط الطريق العام المؤدي إلى ميفدون البلدة، التي تصل مدينة النبطية بمنطقة «بنت جبيل». روائح الإطا رات المشتعلة ودخانها وصلت من هناك إلى أنوف عناصر قوى الأمن الداخلي والدفاع المدني، فما كان منهم إلا أن «هرعوا» إلى المنطقة وتولّوا التفاوض مع المحتجين من أجل فتح الطريق. وقد أسفرت المفاوضات بعد نحو ساعة عن قبولهم بالكف عما هم فيه، شرط «إيجاد حلّ لمشكلة المياه في البلدة». وتشبه قصة المياه في ميفدون هذه الأيام، معظم مشاكل المياه في مختلف المناطق الجنوبية. فكلها جزء من حكايا «إبريق زيت» الانقطاع والحرمان والظلم في تقاسم ثروات البلاد؛ بيد أن خصوصية ميفدون «تكمن في أن وزارة الطاقة أنشأت بئراً ارتوازية في البلدة، وتبرعت منظمة اليونسيف بثمن محوّل الكهرباء الذي يفترض أن يؤمن التيار إلى مضخة الخزان، ودفعت لأجله مبلغ ستين ألف دولار أميركي، وما زلنا ننتظر تنفيذ الوعود من سنوات عدة، وكأن البلد كله ليس فيه محوّل كهربائي يفي بالحاجة». بحسب عضو المجلس البلدي عبد ريحان. ويشير ريحان إلى أن المياه شبه مقطوعة عن البلدة «منذ أكثر من أربعة أشهر، ولا تتجاوز ساعات التغذية التي تؤمنها مصلحة مياه نبع الطاسة ست ساعات في الأسبوع، لا تصل كاملة، وعليها أن تسقي نحو سبعة آلاف مواطن يسكنون البلدة، باتوا يتهمون البلدية بالتقصير، وهي لم تترك باباً إلا وطرقته، فضلاً عن الاتصالات والمراجعات ولا من مجيب». واتهم عدد من المحتجين «مصلحة مياه نبع الطاسة بتعمد قطع المياه عن ميفدون، وعدم مساواتها بجاراتها في منطقة النبطية». وقال ريحان باسمهم: «إننا نمهل المصلحة والدولة اللبنانية حتى نهاية الأسبوع الجاري؛ وإلا سوف نضطر للعودة إلى الشارع، إذ لا يمكن لوم الناس العطشى، الذين يضطرون إلى دفع مبالغ طائلة ثمناً للمياه، وخصوصاً أن سعر النقلة الواحدة يبلغ أربعين ألف ليرة لبنانية».
بعدها أخمدت إحدى سيارات الإطفاء التابعة للدفاع المدني النار وفتحت الطريق أمام السيارات التي احتشدت أكثر من نصف ساعة، في الاتجاهين.