محمد محسناعتادت الضاحية الجنوبية على انقطاع الكهرباء. فالوعود التي تطال مسامع أهلها دائماً، لا تترجم بلغة الكيلواط في المحوّلات الكهربائية. لم تتحسّن التغذية بعد 15 الجاري، فبقيت الأمور على ما كانت عليه. أنتظر الاهالي من "هجمة" وزير الطاقة الجديد، وما بدا عليه من اصرار على تنفيذ نص البيان الوزاري، الكثير. إلا انهم فوجئوا بنوع من اللامقاومة والتسليم بفوقية العاصمة بحجة انها ..العاصمة اولا، وانها مصدر اساسي في الجباية كما ادعى البعض، متناسين انها تصرف أكثر لنها تعطى تيارا لمدة اطول بكثير، وانه لو اعطيت المناطق، والضاحية منها تيارا لمدة اطول، فلا شك انها ستدفع اكثر للجباية.
"الحال" واحدة من حي السلّم إلى الغبيري، مروراً بالشوارع الأخرى، يعبّر عنها تذمّر يظهر سريعاً على وجوه الأهالي، ما ان تذكر كلمة "كهرباء امامهم". لكن، مع انتهاء موسم الإصطياف، هل تحسّنت ساعات التغذية؟ يضحك أبو ابراهيم زين الدين بشكلٍ ساخر، مستغرباً هذا السؤال. يتحدّث على الفور عمّا تكبدّه فاتورة الإشتراك، ويسحب الإيصالات.. أربعمئة ألف ليرة هي الفاتورة الشهرية ل"ملحمة أبو ابراهيم" في المريجة، إضاقةً إلى فاتورة الدولة.
تغيب الكهرباء خلال نصف الفترة المفترض أن تتغذى بها المناطق، وفقاً لبرنامج التقنين. هنا حي السلّم، حيث تطغى أصوات المولدات الخاصة على أي صوتٍ آخر. يشبه السؤال عن حال الكهرباء هناك، مزاحاً سمجاً لا يحبذه الأهالي. " الكهرباء عملة نادرة هنا"، يؤكد زين العابدين خريس صاحب محل للألبان والأجبان. يشتعل غضبه على "الجميع دون استثناء، حلفاؤنا وغيرهم". فاتورة الإشتراك "مئتي دولار في الشهر" ولا من يساعد. مضطّر لرمي الكثير من بضائعه "يوم بعد يوم". يتحدّث عن كهرباءٍ غير منتظمة على الإطلاق، ويضرب مثالاً " تنقطع الكهرباء بعد نصف ساعةٍ من تحويلها، لتعود من جديد بعد ساعة وهكذا دواليك". الحال ليس أفضل داخل السوق، فأصحاب محال الثياب لا يتفاءلون بموسم رمضان ، فالكهرباء "قاسيةً جداً"، يتحدّث أبو علي سعد مشيراً إلى اتكّال الكثيرين على الإشتراك وال"يو بي أس" "كلّفني 400 دولار في بيتي". يغيب الضوء بشكلٍ جزئي عن واجهات الثياب ومكيّف المحل واليافطة، إذ يعود هذا التوزيع المستحدث، إلى نظامٍ وضعه أبو علي للتوزيع العادل للكهرباء "بدلاً من توزيع الوزارة السيّء". أمّأ محلات الحلويات والعصير فهي الأخرى تشكو من عدم تحسّن التغذية بالكهرباء. يؤكد هاشم حمزة أن "الكهرباء لا ترسو على بر هنا"، نافياّ علمه بدوامٍ محدّدًٍ لها في أوتوستراد الشهيد هادي نصرالله. لا يضع اللوم على الوزارة فحسب وإنّما على بعض "المعلّقين على شرايط الكهرباء". أسهم التوزيع غير المنتظم في "انتهاء موسم رمضان باكراً" بحسب حمزة، فالزبائن على قلّتهم باتوا يكتفون يكمّياتٍ قليلةٍ جداً من الحلويات، ويشير جار كريم إلى أنّ الأخير "يضطر لتوزيع الحلويات المتبقية على عمّاله، وعلى بعض المساكين في شهر رمضان".


مرارات متراكمة

الجميع في الضاحية يعبّر عن امتعاضه من سوء التغذية والتوزيع الكهربائيين، هذا في أحسن الأموال. فالإمتعاض ترك مكانه لأحتجاجات من نوع آخر تطوف البلاد لا يباريها في تطوافها الا الأحداث الأمنية المتنقلة. والأمل بالتحسّن بعد رفض مساواة بيروت الإدارية ببقية مناطق العباد، لم يبق منه شيئا الا بعض مرارة تضاف الى مرارات اخرى تراكمت لدى المواطنين من هذه اللاعدالة بالحصول على خيرات البلاد وخدماتها.
برج البراجنة والشياح والغبيري هي الأخرى مناطق تشتكي حرمانها من الكهرباء، والسياسة بعيدة، فالصفح عن التهاون في خدمتهم بعيد عن التحالفات السياسية.