إيلي شلهوبصحيح أن «الضرب في الميت حرام»، لكن ظاهرة إيهود أولمرت، الذي جمع «المجد» من أطرافه، تبرّر خرق المحرّمات. 33 شهراً أمضاها في رئاسة الوزراء كانت كافية لتبديد 60 عاماً من المكتسبات الإسرائيلية. جاء إلى هذا المنصب بالصدفة، بفعل الجلطة التي ألمّت بآرييل شارون، الذي لو قُدّر له أن يعلم ما فعله خلفه لاستيقظ من سباته مفزوعاً. درّة «إنجازاته» تلك الحرب الشعواء التي قادها، لمدة 33 يوماً (عدد أشهر ولايته)، على لبنان، بوزير دفاع أبرز ما يجمعه به «الغباء» و«العجرفة» وقلّة «الحيلة» وكونه ألعوبة في أيدي الجنرالات. بنتيجتها قُلّد أولمرت «أرفع» وسام إسرائيلي: أول رئيس وزراء يقود الدولة العبرية إلى هزيمة محققة. لكنه مع ذلك أبى أن تمر المناسبة من دون أن يخرج منها بوسام آخر، شاركه فيه معظم أسلافه: دماء الأطفال والشيوخ والنساء، التي أراقتها قواته وطائراته في قانا ومروحين...
«اعتداده بنفسه» منعه من تحمّل مسؤولية ما جرى، رغم الاستقالات التي توالت خلال أسابيع ما بعد انتهاء العمليات العسكرية. قال إنه يريد إعادة البناء. لكن سرعان ما تبيّن أن تعلّقه بالكرسي لا يعدو كونه تمسّكاً بحفنة من الدولارات يتلقّاها دورياً في عمليات مشبوهة كانت الشّعرة التي قصمت ظهر البعير وأخرجته من الحياة السياسية.
قصته مع الفلسطينيين لم تكن أقلّ حيوية؛ 27 شهراً على اختطاف جلعاد شاليط، وما عاد إلى منزله. قطاع غزة تحوّل في عهده إلى «كيان معادٍ»، لم ينفع معه لا الحصار ولا المجازر. حتى المفاوضات مع أبو مازن لا تزال عند النقطة التي بدأت منها، رغم الأنباء التي تفيد بالعكس.
بل أكثر من ذلك. استماتته في إيجاد طوق نجاة دفعت به إلى فتح مفاوضات غير مباشرة مع السوريين، أقرّ فيها مسبقاً باستعداده للانسحاب إلى حدود 1967، وإلى اغتيال الحاج عماد مغنية رغم علمه بالعواقب الوخيمة التي لا تزال إسرائيل تترقّبها. أما بالنسبة إلى إيران فحدّث ولا حرج.
إنه باختصار الرجل غير المناسب الذي شغل أفضل موقع في أسوأ توقيت. لعلّه تماهٍ مع سيّده القابع في البيت الأبيض.