تعقيباً على ما نشرته «الأخبار» في تحقيق أجرته أول من أمس تحت عنوان «تعميم بارود: رقابة مسبقة أو لاحقة؟»، جاءنا من وزير الداخلية والبلديات زياد بارود التوضيح الآتي:مع تثمين وزارة الداخلية والبلديات لتطرّقكم لموضوع التعميم المتعلق بحرية الجمعيات وتسهيل إجراءاتها، إلّا أنها تودّ توضيح بعض الالتباسات:
1ـــــ يندرج التعميم الصادر عن وزير الداخلية والبلديات في سياق الحرص وتأكيد حرية الجمعيات التي كفلتها المادة 13 من الدستور وسائر أحكام قانون 1909، وقد صدر هذا التعميم لوضع حدّ لأي استنساب لوزارة الداخلية والبلديات في قبول بيان التأسيس أو رفضه، على ما كان رائجاً. ويأتي خصوصاً في سياق قرار مجلس شورى الدولة الصادر في 18/11/2003 الذي أكّد هذه الأساسيات التي كان وزير الداخلية والبلديات واحداً من المطالبين بها منذ ما قبل تولّيه الوزارة، وهو مستمرّ بهذا النهج عن اقتناع وتصميم.
2ـــــ تجزم الوزارة بأنه لا رقابة مسبقة للأمن العام لجهة إجراءات تأسيس الجمعيات الخاضعة لقانون 1909. بل إن نص التعميم يشير بصورة واضحة إلى أن إحالة العلم والخبر على المديرية العامة للأمن العام تحصل بعد توقيعه من الوزير. وهذا يعني أن قبول العلم والخبر ليس مشروطاً في أي شكل من الأشكال بأي رأي مسبق لتلك المديرية التي تقع على عاتقها مهام رقابية لاحقة لا مسبقة، على أنشطة الجمعية، وفق ما نصّ عليه القانون، وهو أمر ضروري قد ينتج منه، في حال ثبوت مخالفة الجمعية للقانون، أن يرفع الوزير إلى مجلس الوزراء اقتراحاً بحلّها.
3ـــــ إن النص الذي شكّل ربما التباساً لدى من استطلعهم التحقيق («اقتراح رفض تسليم العلم والخبر») لا يمكن أن يفسّر على أنه من قبيل الرقابة المسبقة. أولاً لأن العلم والخبر يكون قد صدر، وثانياً لأن النص يشير فقط إلى «اقتراح»، يستتبعه، في الجملة ذاتها، «رفع الأمر من الوزير إلى مقام مجلس الوزراء لإقرار اللازم» في حالات محصورة بالمادة 3 من قانون الجمعيات. وما دامت صيغة النص قد أوحت للبعض بعكس ما هو مقصود منه، فإن تعميماً توضيحياً سيصدر عن الوزارة في القريب العاجل منعاً لأي التباس وتوضيحاً لأي
غموض.
4ـــــ أما في موضوع الأسباب التي حالت دون إشهار بعض بيانات العلم والخبر في الجريدة الرسمية، فمردّها إلى أن أصحاب العلاقة هم الذين يتولون طلب النشر في الجريدة الرسمية لا الوزارة، بهدف تسديد رسوم النشر، وبالتالي، فإن مئات البيانات التي وقّعها الوزير في أقل من شهرين، ويعود بعضها إلى 2005، تُنشر على همّة أصحاب العلاقة، ما يفسّر فوارق بين تاريخ النشر وتاريخ تقديم
الطلب.
5ـــــ تؤكّد وزارة الداخلية حرصها الكامل على الموازنة بين حرية الجمعيات لناحية عدم وجوب الترخيص إطلاقاً وعدم تقييد إجراءات تأسيسها، من جهة، وبين ضرورة الرقابة اللاحقة، من جهة أخرى، منعاً لانتشار جمعيات تريد بالبلد سوءاً. وتعتقد الوزارة أن التدابير التي اتخذتها تلبّي هاتين الضرورتين.

تعقيب من «الأخبار»:
لكن متى يسلم العلم والخبر!


بداية تسجل «الأخبار» للوزارة إقرارها بوجود غموض في نص تعميم الوزير وتعهدها إزالته بتعميم توضيحي آخر. كذلك تلفت بالمناسبة نظرها إلى ضرورة توخي الدقة في صياغة النصوص المتصلة بالحريات العامة، ذلك أن أي إبهام في تلك النصوص كان يمثّل على الدوام أداة للتلاعب بهذه الحريات وقمعها.
من جهة أخرى، ترى «الأخبار» أن التوضيح أعلاه، ربما، تجاهل نقطة أساسية، هي النقطة المركزية في تحقيق الأمس: متى يحصل تسليم العلم والخبر؟ فهل يحصل عند توقيعه؟ ليصار إلى نشره في الجريدة الرسمية؟ أم بعد استيضاح رأي الأمن العام كما يظهر من نص التعميم؟ ما يوحي بوجود رقابة سابقة لتسليم العلم والخبر، وهي بالطبع شكل من أشكال الرقابة المسبقة؟ فسواء وقّع الوزير العلم والخبر أو لم يوقعه، فإن معاناة مؤسسي الجمعيات مع وزارة الداخلية لا تنتهي، وضمان حقوقهم المكرسة في قانون الجمعيات لا يكون إلا عند تسليمهم العلم والخبر من دون المرور بتحقيقات طويلة قد لا تنتهي لدى الأجهزة الأمنية. وعليه، تتمنى «الأخبار» أن يتضمن التوضيح الموعود من وزارة الداخلية ما يفيد التزاماً صريحاً، ليس فقط بتوقيع العلم والخبر، لكن أيضاً بتسليمه للمؤسسين للسماح لهم بنشره، وتالياً التمتع بالحقوق الناشئة عن ذلك، دون انتظار انتهاء تحقيقات الأمن العام.