أثارت اللوحة الفنية ــ مشروع التخرّج التي رسمتها الطالبة في معهد الفنون الجميلة ــ الفرع الأول رحاب جعفر مجموعة من الانتقادات في صفوف الأساتذة، لكونها رسمت صورة زميلها عارياً
قاسم. س. قاسم
لم تتوقّع الطالبة في معهد الفنون الجميلة ـــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية رحاب جعفر أن تحدث لوحتها الفنية البلبلة في أوساط لجنة الأساتذة المشرفة على تحكيم مشاريع التخرّج.
«لا أعلم لماذا يُسمح برسم النساء عاريات فيما يبقى الرجال تابو في الرسم؟»، تقول رحاب التي رسمت جسد زميلها في الكلية عارياً، ما جعل عدداً من الأساتذة ينتقدونها بشدّة. «لم يكن النقد قائماً على المعايير الفنية أو مدى استغلال مساحة اللوحة بشكل فني، بل على موضوع اللوحة»، تشرح رحاب مبدية انزعاجها من طريقة التعامل مع مشروعها.
«بلا عنوان» هو اسم اللوحة التي قدمتها رحاب، والتي «تعكس الواقع الذي نعيشه والخلل القائم بين السرعة المهولة التي يتطور بها العلم، وبين المجتمعات التي يحكمها الفقر والجهل، ما يجعل هذه المجتمعات مرتعاً للبؤس والحروب».
في منتصف اللوحة الصورة الشهيرة لسجين أبو غريب العراقي الذي وُضع على رأسه كيس أسود، وفي أصابعه أسلاك كهربائية، وتحته تنام فتاة بملابسها الداخلية. أما في الزاوية العليا فقد رسمت رحاب زميلها في الكلية عارياً، وهو يمارس الجنس مع زميلتها التي لا يظهر جسدها واضحاً في اللوحة.
وقد بدّلت رحاب ملامح زميلها بطلب منه بعد أن خاف على سلامته من كثرة الانتقادات التي وُجهت إليه، فحوّلته رحاب بطريقة فنية إلى رجل آلي يمارس الجنس، بينما يرفرف فوقه رجل مبتسم من مجموعة «كو كلوس كلان» الأميركية العنصرية. وهنا تقول: «لقد أضفت هذا العنصر إلى اللوحة للمقارنة بين الممارسات العنصرية التي قامت بها هذه المجموعة من البيض ضد السود في أميركا، وبين معاملة الجنود الأميركيين لسجناء أبو غريب». ثم رسمت على يمين اللوحة فتاة واقفة وملامح الحزن بادية على وجهها، أما على يسارها فبدا سجين عارٍ آخر من «أبو غريب» مكبّل، ورأسه باتجاه الأرض «هذه كانت مشاهد حقيقية، نشرت في العالم وأنا وثّقتها في لوحتي»، توضح بثقة.
وكانت لجنة الأساتذة قد وجّهت انتقادات عدة للطالبة، متذرعةً بالبيئة المحيطة بالكلية، وسيطرة الأحزاب الإسلامية فيها. وترى رحاب أنّ جميع الحجج عارية من الصحة، مشيرة إلى «أنني كنت أحمل لوحاتي في حرم الجامعة ولم أتعرض للانتقاد من أي حزب أو جهة سياسية، بينما كان الانتقاد الأساسي موجهاً من الأساتذة».
«ما في بالفن شي محرّم» عبارة شدّد عليها مدير المعهد أكرم قانصوه، نافياً حصول أي إشكال بشأن اللوحة، بل إنه دافع عن حرية الطالب في اختيار الموضوع الذي يريد. كما أشاد قانصوه بخبرة لجنة التحكيم، وشرح الأسس التي يُقوّم فيها أي عمل فني يقدمه الطلاب، «فاللجنة تأخذ بالاعتبار الفكرة التي تطرحها اللوحة، المعالجة اللونية، واستغلال مساحة اللّوحة». لكن عضو لجنة التحكيم الدكتور نزار ضاهر رفض الكلام عن اللّوحة. يُذكر أنّ المعهد طلب من الطلاب إبقاء اللوحات المعروضة كي يتمكّن من يريد من رؤيتها إلا أن رحاب رفضت، «أخاف أن يمزّق أحدهم اللوحة، وخصوصاً بعد الكلام القاسي الذي وجّه إليّ».