فداء عيتانيمن يعرف وليد جنبلاط ينصحك بألّا تؤخذ بما يقول الرجل. فجنبلاط لم ينعطف بعد، إلا أنه يرمي قنابل دخانية ليغطّي حركة يقوم أو سيقوم بها قريباً. ومن يزُر الولايات المتحدة اليوم يكتشف أنّ ثورة الأرز لم تعد تثير اهتمام دوائر صنع القرار، والمنتدين في وزارتي الدفاع والخارجية. لم يعد هؤلاء يسمعون من جورج بوش أو كوندوليزا رايس دعماً لحركة استقلال لبنان، كما كانت عليه الأمور قبل ثلاثة أعوام. والأسوأ وقعاً على ثورة الأرز وثوّارها أن النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة لم تعد تشير إلى سوريا وتطالب بتعديل سلوكها، وهي الجملة التي أحبطت النائب جنبلاط في الماضي. ولم يعد الحديث يدور حول الخطر النووي الإيراني، ولا دعم إيران لحزب الله وحماس. لقد باتت النّخب في الولايات المتحدة تناقش مسألتين بشكل رئيس: الخطر الجهادي، وهل يجب أن تكون إسرائيل دولة أم دولتين؟
يخطئ من يعتقد أن هذه الأجواء لم تصل بعد إلى الزعيم الاشتراكي، وأن الرجل الذي كان يدفع نحو وقف شبكة اتصالات المقاومة ومطاردة حسن نصر الله بصفته صاحب شبكة هاتف خاصة، تحوّل إلى الخيار الفلسطيني والعربي (الذي لا يعتمد غير اللغة الخشبية ذاتها للأنظمة وحركات التحرر التي فقدت مدة صلاحيتها). إن الرجل قام بهذا التحوّل لمجرد سقوط غشاوة أخرى، وإنه سيوصي ابنه بالخيار العربي، وصولاً إلى تحرير كل الأراضي المحتلة.
جل ما في الأمر أن الولايات المتحدة تستيقظ اليوم على غير النشيد الوطني اللبناني، وأغنيات «بدنا الحقيقة»، وأن ما حصل في الدوحة وقبل الدوحة فرض «جلباً إلى بيت الطاعة» ومساكنة اضطرارية. ولا يغيّر في ذلك أن يرفع إعلام الأكثرية من عقيرته في اتهامات لم تعد تنفع إلا في قتل المزيد من الفقراء في باب التبانة وجبل محسن.
ما يعرفه جنبلاط أن البيان الحكومي لم يكن ليمرّ إلا بالصيغة التي أتت، وأن كل الاشتباكات الكلامية سقفها هو الذهاب نحو بيت الطاعة، والمساكنة الاضطرارية، وأن الراعي الأميركي لا يزال يفكر في إسرائيل، دولة واحدة أم دولتين؟