هيثم خزعلتستيقظ في السابعة صباحاً، ترتشف قهوتك وأنغام أغاني فيروز تداعب مسامعك. تخرج متوجهاً إلى عملك في رحلة الروتين اليومية، راجياً أن يكون نهارك مكللاً بالهدوء. تصعد في السرفيس من طريق المطار إلى الحمرا. تبدأ الرحلة بهدوء تتمنى أن يستمر، لكن السائق يأبى إلا أن يعكره. يدير الراديو ويستقر خياره على إذاعة تبث نشرة أخبار صباحية. تبدأ الأنغام الفيروزية بالتلاشي من دماغك، ويحفر صوت مقدم النشرة كالمطرقة في طبلة أذنك. تتأفف، تشعل سيجارة، لكن السائق الغارق في تتبع التطورات السياسية لا يعيرك اهتماماً. تجتاحك موجة من التوتر. يطلق السائق العنان للسانه ليمطرك بوابل من التحليلات السياسية المكلّلة بالشتائم لسياسيين والتمجيد لآخرين. تصل إلى الحمرا، تنزل من السيارة مثقلاً بأخبار السياسة. تمضي أربع ساعات ، ثم تتوجه إلى الكولا. تصعد سيارة السرفيس. موسيقى الدبكة المنبعثة من الراديو تبعثر أفكارك. تتعالى أصوات آلات الأورغ والربابة والإيقاع الصاخب والسائق يغني ويتمايل، ثم يخفض الصوت فجأة، تبتسم كمن وقّع هدنة في حرب ضروس. يسألك عن رأيك في الدبكة، تسكت فيفسر سكوتك رضىً ويعاود إطلاق العنان لموسيقاه، مسقطاً هدنة الهدوء في أقل من دقيقة. تصل إلى الكولا مشتت التركيز، تمضي مقابلة فاشلة تتلعثم فيها أكثر من مرة. تركب السرفيس لتعود إلى الحمرا. الوضع في هذه السيارة ليس أقل سوءاً، السائق من عشاق مصطفى كامل المتخصص في تقليب المواجع ونكء الجراح. تجتاز ما بقي من ساعات العمل بصعوبة. تعود إلى طريق المطار، تمضي برفقة سائق يختم نهارك بموعظة دينية. تنتهي الرحلة، تفتح باب المنزل أملاً بالسكينة، فتصدم بأنغام الـ«واوا» تتدفق على مسامعك.