ديما شريفلنسمّها تاء التأنيث، فهذه عقدة حياتها. لقد تمنّت طوال حياتها أن تكون شاباً، إذ إن الحياة لم تكن سهلة داخل عائلتها. كان كل شيء «حرام وعيب». لم تكد تبلغ الثانية عشرة من عمرها حتى قرر والدها عنها أنها يجب أن ترتدي الحجاب، فأطاعته لأنها لم تكن تعرف غير ذلك. وبقيت على الصراط المستقيم حتى وصلت إلى الجامعة.
«تخيّلي أن تكوني في العشرين، وممنوع أن تتأخّري بعد السادسة خارج المنزل». هذا كان وضعها في الجامعة، فكذبت على أهلها بشأن موعد انتهاء دوامها وبدأت تكتشف الحياة من حولها، محاولةً التعويض عن حظر التجوال المسائي. بعد نيلها الإجازة، كانت تطمح لإكمال دراستها العليا، ولكنّ أهلها رفضوا لأنّ ذلك يتعارض مع توقيت العودة إلى المنزل. كانت تاء الأنشط في كليّتها أثناء الدراسة. وإلى جانب تفوقها في كل المواد، كانت ناشطة سياسياً. فنظمت اعتصامات عدة، وكانت الأولى في التظاهرات إلى السفارة الأميركية والتحرّكات المطلبية. وكانت عندما تعود من تظاهرة تخللها رش المياه، تمكث عند إحدى صديقاتها إلى أن تجف ملابسها كي لا يعرف أهلها أين كانت، إذ إن فكرة العمل السياسي يمكن أن تودي بحياة والدها، كما تقول ضاحكة.
تجد تاء اليوم سلواها في عملها كمدرّسة، الأمر الذي يعطيها هامشاً من التعبير عن النفس، كما تقول. وهي فاعلة في أحد الأحزاب ذات التوجه القومي العربي دون معرفة أهلها، «لأنو الفكر القومي حرام عنا بالبيت. بس فكر الشيوخ مقبول». وتخرج من وقت لآخر مع صديقاتها بعدما مدّد حظر التجوال الليلي إلى الساعة الـ8 إثر بلوغها الخامسة والعشرين. أما عن هوايتها المفضّلة، أي المطالعة، فهي تقرأ كتباً لا يوافق عليها أهلها وتخبّئها بين ثنايا ثيابها الداخلية في الخزانة كي لا يجدها والدها الذي اعتاد منذ دخولها الجامعة التفتيش عن الكتب المحظورة بشكل دوري.
تاء ما زالت تتمنى لو أنها شاب، لكن ليس بالوتيرة السابقة. فقد استطاعت أن تجد متنفّساً صغيراً تُخرج منه رأسها لتنعم بقليل من ضوء الشمس «كي أتنفس بعض الهواء من وقت لآخر».