تنهي الحركة الاجتماعية في صيدا، الثلاثاء المقبل، فعاليات المدرسة الصيفية التي تندرج في إطار برنامج «الاندماج في المدرسة». وكانت الحركة قد أرست البرنامج في 16 مدرسة رسميّة، كما تعمل مع بعض مؤسسات المجتمع المدني والبلديّات للحد من التسرّب المدرسي
فاتن الحاج
يصفّق المربي محمد الطه إيذاناً ببدء المهمة، فيتجمّع تلامذة الحركة الاجتماعية ويصفّقون بحماسة تعبيراً عن الموافقة. بات التصفيق والأغاني صرختهم المشتركة لدى استقبال أي نشاط. أما أياديهم فتتشابك على طريقتهم لتوديع كل يوم صيفي على أمل تجديد العهد في اليوم الثاني.
هنا يعتذر المربي من إحدى التلميذات التي وجّه لها كلاماً قاسياً، فيُفاجأ الأصحاب بالموقف: «هل يحدث أن يعتذر أستاذ من تلميذ؟». هناك يتشاجر تلميذان فتحضر فكرة «حل النزاع» تلقائياً، لكون المفاهيم تدخل في سلوك الصغار وتكبر معهم من دون أن يملكوا في بعض الأحيان القدرة على التعبير عنها، كما تقول المساعدة الاجتماعية منى ضاهر.
في مكان آخر، تشعر إحدى المشاركات بالاستياء لكون البرنامج لن يشملها في العام المقبل، فتعرض رغبتها بالتطوّع. هكذا كان وقع المدرسة الصيفية على المشاركين في برنامج «الاندماج في المدرسة» في متوسطتي حارة صيدا الرسمية المختلطة وعبرا الرسمية المختلطة.
على مدى شهر كامل، يتولى اختصاصيون في التربية والترفيه تفعيل قدرات التلامذة العلمية، وتنمية شخصيتهم وتحسيسهم على القيم الإنسانية والاجتماعية.
في بداية اليوم يخضع التلامذة لتدعيم دراسي، ثم ينصرفون إلى ممارسة أنشطة غير تقليدية تطرح المواطنية وأخرى ترفيهية. أما المحاور التي يعملون عليها فهي التعارف والثقة بالذات وقبول الآخر، التواصل والتعاون والمشاركة المسؤولة، الاختلاف والتمييز وحل النزاع، البيئة والنظافة الشخصية والعامة. كذلك ينخرط التلامذة في مشاغل متخصصة بالرسم والدراما والفولكلور والموسيقى.
بالعودة إلى برنامج الاندماج، فقد تحوّلت المدرستان إلى مساحة تحتضن شتاءً التلامذة الذين يعانون من مشاكل دراسية، اجتماعية أو شخصية، لتجنيب تعرضهم إلى التسرب. أما البرنامج الصيفي فيطال التلامذة من الثالث أساسي إلى الثامن أساسي. وتشرح مسؤولة مركز الحركة في صيدا سلمى السعودي «أننا نستقبل كل يوم، بعد انتهاء الدوام المدرسي بعض تلامذة الرابع أساسي والثامن أساسي مناوبةً، في إطار الدعم المدرسي. ويتولى الفريق التربوي في الحركة المتابعة الفردية لكل تلميذ بهدف الإصغاء إلى حاجاته وتلبيتها».
كما تنشط الحركة على مدار العام الدراسي، لحث التلميذ على التفاعل ضمن مدرسته ومجتمعه عبر نادي المواطنيّة حيث يخوض تجربة التمثيل في اللجان، فيختبر النشاط الانتخابي وتقديم المشاريع المطلبية التي تدعم ترشيحه. ثم يشارك في تقديم مشروع «مواطني» يبادر إلى تحسين الحياة في المدرسة أو الحي القريب منه. وهذا ما حصل في متوسطة عبرا الرسمية حيث نفذ الأولاد مشروعين: الرسم على الجدران الداخلية للمدرسة بإشراف إحدى المتطوعات في الحركة وتدعى مهيناز، وبالمناسبة هي امرأة ستينية، والمشروع الثاني تشجير الباحة. وفي هذا الاطار، تشير ريان نويري (15 سنة) من الثامن أساسي إلى «أنني تعلمتُ كيف أرسم وألوّن بدقة، وتقدمت بنتائجي المدرسية وعرفت كيف يجب أن أتعامل مع رفاقي». أما التلميذ في الرابع أساسي في متوسطة حارة صيدا إيهاب دياب فيلفت إلى «أنّه تعلمّ الهدوء في المدرسة الصيفية، وأعجبته أغنية حجر على حجر والبيت بيتعمر، سنة ورا سنة الصغير بيكبر، قلب على قلب بنملّي الدنيا حب».
وفي إطار السعي إلى تفعيل دور البلديّات في السياسات التربويّة، توجّهت الحركة إلى بلديتي حارة صيدا وعبرا لدعم البرنامج، فأبدتا استعدادهما للمساعدة. ويوضح رئيس بلدية عبرا فوزي مشنتف «أننا لم نتردد في تقديم أي عون مادي، كما زرنا التلامذة في مدرستهم لتشجعيهم لأننا مقتنعون بفكرة المشروع التي تعزز التلاقي».
من جهته، لم يتوان مدير متوسطة عبرا الرسمية أنطوان سميا عن وضع المدرسة في خدمة المشروع الذي ساهم في نجاح 60 في المئة من التلامذة الذين كانوا يعانون من مشاكل دراسية وبالتالي إنقاذهم من التسرّب، مع إحداث تغيير في علامات الباقين وإكسابهم الثقة بالنفس.


انتخابات
لجان العمل


بعدما اختار تلامذة برنامج «الاندماج في المدرسة» القضية في نادي المواطنية، أجريت في ضوء متطلبات كل قضية انتخابات في الـ 16 مدرسة. وبرزت في كل نادٍ لجنة الأرشيف التي تهتم بالتوثيق، ولجنة المعلومات التي تدرس القضية ولجنة الاتصالات التي تتواصل مع المعنيين واللجنة التنفيذية التي تجمع اللجان الثلاث.


تفاوض التلميذة في الرابع أساسي في متوسطة حارة صيدا نادين الزين رئيس البلدية وتقنعه بدعم مشروع تجميل مدخل المدرسة. «أنا مع الحركة الاجتماعية منذ الشتاء وتعلّمتُ تمارين أتخطى معها الصعوبات المدرسية»، تقول بثقة تجعلها تعبّر عن أفكارها بحرية

يتحدث محمد آغا (10 سنوات) في متوسطة عبرا الرسمية عن تجربة المشروع الزراعي وكيف ذهب وزميله إلى مقابلة رئيس البلدية وأقنعاه بضرورة تمويل زراعة الشتول، كي لا يبقى «الحديد» الأزرق في المدرسة سجناً للأولاد الصغار، على حد تعبيره