محمد زبيبأصرّ النائب أنور الخليل في جلسات مناقشة البيان الوزاري على طرح سؤال يتصل بحقيقة حجم الدين العام، مشيراً إلى وجود تباين في الأرقام بحسب المصادر المختلفة... إلا أن الرئيس فؤاد السنيورة تحاشى الإجابة عن هذا السؤال، زاعماً «أن الأرقام ليست في حوزته الآن»، ومعتبراً أن هناك مصدراً واحداً لإعلان أرقام الدين العام، وهو وزارة المال، وقال إن هذه الأرقام تنشر دورياً، ويتثبّت من صحتها صندوق النقد الدولي، ويمكن لأي كان أن يطّلع عليها.
قد تبدو هذه الإجابة واقعية، على الرغم من القناعة الراسخة لدى الكثيرين بأنّ الرئيس السنيورة، الذي أمضى 12 عاماً في وزارة المال، يحفظ الأرقام عن ظهر قلب... إلا أنّها تبقى إجابة ناقصة، فالسجال في شأن حجم الدين العام الفعلي لا ينحصر بما يسمّى «الدين الحكومي المصرّح عنه رسمياً»، والذي بلغ حتى حزيران الماضي حوالى 44 مليار دولار، بحسب وزارة المال، بل يتجاوز ذلك إلى تحديد مفهوم الدين العام. فهل يعبّر فقط عن دين الحكومة الناجم عن عمليات الاقتراض المعلنة لتمويل عمليات الموازنة العامّة؟ أم يشمل كل المبالغ المستحقة على القطاع العام برمّته، بما في ذلك ديون مصرف لبنان والشركات المملوكة منه، والتي تجاوزت في نهاية عام 2007 حوالى 18.5 مليار دولار؟ وهل احتساب الدين العام يتضمّن القروض المحلية والخارجية التي يترتّب عليها فوائد؟ أم يتضمّن أيضاً المتأخّرات والتداخلات في حسابات المؤسسات العامّة التي تقدّر بأكثر من 2.5 مليار دولار في نهاية عام 2007؟
إن المفهوم الأشمل للدين العام، الذي يتبنّاه صندوق النقد الدولي في دراسة أعدّها عن لبنان في عام 2005، ولم تسمح الحكومة بنشرها في حينه، هو المفهوم الذي يشمل كل البنود المذكورة أعلاه، وتحت عنوان أدقّ هو «دين الدولة»، أي كل المطلوبات في جعبة القطاع العام (حكومة ومؤسسات عامة ومصالح مستقلة ومجالس وصناديق وشركات مملوكة أو مستملكة من الدولة أو مؤسساتها... فضلاً عن متأخرات متوجّبة لمصلحة القطاع الخاص والضمان الاجتماعي والاستملاكات وغيرها).
لا شك أن أي مقاصّة على كل هذه المطلوبات ستكشف أن دين الدولة الحقيقي تجاوز كثيراً سقف الـ50 مليار دولار.