ديما شريفرغم أنّني لبنانيّة أبيّة، إلا أنّني لا أتمتّع بحسّ وطني عالٍ. فلست من الذين يقشعرّ بدنهم، وتدمع أعينهم وينقبض قلبهم عند الأحداث الوطنية أو عند سماع كلمات أرز، استقلال، مقاومة، سيادة، شهيد لبنان، وحدة وطنية، توافق وغيرها... أشعر بالوطنية مرتين في السنة، عند ترشيح فيلم البوسطة إلى الأوسكار مثلاً أو افتتاح مطعم لبناني في دولة خليجية. وقررت ممارسة وطنيتي في افتتاح الألعاب الأولمبية وانتظار مرور الوفد اللبناني. لم أكن أدري بطبيعة الحال أن اسم لبنان وفق الأبجدية الصينية سيدفعه إلى نهاية القائمة كما يحصل معه في كل القوائم. طال الحفل لساعات، وكان الشعور الوطني عالياً، ولم يكن ينقص الجلسة سوى صحن كبة نية وكأس عرق وبعض الهوارة.
في الانتظار، مرت دول صديقة، فهنا وفد الإمارات العربية يتحدث أعضاؤه على هواتفهم يتابعون نتائج بورصة نيويورك. ووفد البحرين الذي يجاهد أعضاؤه لحمل العلم وصورة الملك في الوقت نفسه. وكان الطريف حشر الوفد السوري en sandwish بين روسيا وأميركا. وصل اللبنانيون أخيراً بعد رواج شائعات عن أنهم اختلفوا على الثلث المعطل وتوزيع المقاعد داخل الطائرة، ما أدى إلى تخلفهم. الوجوم يخيّم على وجوههم. لا أبو الزلف، لا دبكة، لا أرزة. لا شيء. مر الوفد عليّ مثل مرور وفد فانواتو.
ولكنني حظيت بجرعة وطنيتي ذاك النهار عندما مر بعض الشباب يضحكون للعالم بأسره، ويلبسون كوفيتهم رغماً عن أنف الجميع.