اختتم معسكر التعبير الرقمي العربي أعماله في مصر. وقد شارك لبنان للمرة الأولى في البرنامج الخاص بالمعسكر الذي يسعى إلى إنتاج جيل مفكر، منتج ومبدع، لمواجهة عصر يطرح عليه عشرات الأفكار الجاهزة. فالفتيان معرّضون لساعات طويلة من التعبئة الإعلامية عبر الوسائل التقنية الحديثة
فاتن الحاج
عاد جاد طباجة، ميرا كحيل، ونور كرنيب إلى لبنان من المعسكر الرقمي العربي في مصر. هي المرّة الأولى التي يختبر فيها الفتيان الثلاثة السفر والتواصل مع أتراب من 7 جنسيات عربية. فالتجربة التي بدأت في مطار بيروت بالدموع لفراق الأهل، لم تنته بالضحك والنكات التي نشأت بمجرد الاحتكاك بين اللهجات المتنوعة، لكون معاني الألفاظ تختلف من بلد لآخر. لكن اللغة العربية التي تجمعهم حققت التواصل بين 34 فتى وفتاة أنتجوا مشاريع حملت أفكاراً تعكس هويّاتهم وثقافاتهم في إطار فني. لكن الأهم، بحسب منسقة المشروع رنوة يحيى، أنّهم تشاركوا التعبير عن أنفسهم كأفراد من جهة، وضمن مجموعات من جهة ثانية، وبالانفتاح على ما يسمى «مجتمع الإنترنت» ثالثاً.
أسبوعان من المتعة والإنتاج الرقمي، أمضوهما جاد، ميرا ونور في ورش عمل سعت إلى تطوير مهاراتهم في التعبير. فاختار كل منهم أحد المجالات الفنية المطروحة وفقاً لميوله وحاجاته. أما المجالات الثلاثة فهي: السينما الرقمية، التحريك (animation) والصوت والموسيقى. في المقابل، التزم المشاركون متابعة حلقات في الرياضة والفنون بأشكالها الحسية لا الرقمية، والإنترنت بمفهومه التفاعلي.
الخيار كان واضحاً بالنسبة إلى جاد (14 عاماً) الذي يدرس الموسيقى في الكونسرفاتوار الوطني. «استمتعتُ باستخدام جهاز الكومبيوتر في تركيب الصوت والموسيقى، فيما كنت أستعمله لأغراض المحادثة فقط»، يقول بخجل. من جهة ثانية، لم يخفِ جاد معاناته في اليومين الأولين للمعسكر، نتيجة الابتعاد عن أهله (بالمناسبة هو ولد وحيد ومدلل)، «بس رجعنا تأقلمنا لما تعرّفنا على شبيبة من أعمارنا وكونّا صداقات ما مننساها». ومع أنّ نور كرنيب (13 سنة) خاضت تجربة غنية في المسرح عبر نادي الأطفال في مركز الخدمات الإنمائية في الشياح، اختارت أن تنضم إلى زميلها جاد في مجموعة الصوت والموسيقى. تجيد نور التعبير عن نفسها بطلاقة لافتة: «أنا بحب السينما كتير، وأكيد بدي إدرسها بالمستقبل، بس كان بدي بالمعسكر اتعلم شي جديد ما بعرفو، كنت حابّي غنّي وهيك صار، وطبعاً مش حبطل سينما». لم تكن نور تملك معلومات عن الكومبيوتر، ومع ذلك انخرطت في الورش وطبّقت كل النشاطات المطلوبة منها، «وأكيد صار عندي ايميل وفايسبوك وصرت فيي اتواصل مع كل رفقاتي».
أما ميرا (12 عاماً) فتتحدث عن «brain storm» أو عصف أفكار «مكنّنا من تصميم رسوم لشخصيات على الورق وبواسطة المعجون لنعود ونحركها عبر الكومبيوتر، كنا عم نحط حياة بشي ما فيه حياة، ورسمنا أسامينا بطريقة غريبة». ثم تشرح ميرا سبب اختيار مجموعة «animation» بحماسة: «بعشق الرسم وكان بدي أعمل شي قريب من موهبتي لنمّيها». لكن المفارقة أنّ ميرا ستكتفي بالرسم كهواية ولن تختاره مهنةً للمستقبل، «لأنّو مش مهنة أساسية»، تقول بقناعة.
يذكر أنّ المشاركين استحدثوا موقعاً إلكترونياً للتواصل في ما بينهم عرضوا عليه مشاريعهم الفردية والجماعية من أفلام وعروض موسيقية وتحريك. أما العنوان فهو : «www.arabdigitalexpression.net»
وقد تألف فريق عمل المعسكر من 21 متخصصاً من مصر ولبنان، درّبوا الفتيان على التعبير بمختلف أشكاله وتنوعاته الرقمية والحياتية. أما المفاجأة، فكانت مشاركة عدد من الفنانين مثل هاني بدير (إيقاع)، وفرقة «The Flavor Project» المصرية (هيب هوب، راب) في حفلات السمر الخاصة بالمعسكر. تجدر الإشارة إلى أنّ أعمار الفتيان تراوح بين 11 سنة و16.


نواة تحضيرية للتطوّع

اختار مركز الخدمات الإنمائية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في الشياح الفتيان المشاركين في المعسكر الرقمي العربي. وتندرج المشاركة في إطار دعم الأنشطة اللاصفية وتلبية حاجات الأولاد، كما تقول مسؤولة المركز نزيهة دكروب. توضح دكروب أنّ هناك خطة للمتابعة تتمثل بتحويل الفتيان المتدربين إلى مدربين بإشراف المركز، وبالتالي نقل التجربة إلى أترابهم في نادي الأطفال، في محاولة لتكوين نواة تحضيرية للتطوّع. يذكر أنّ المركز يشبّك مع المنظمات غير الحكومية، واستطاع أن يجهّز قاعة مكتبة وإنترنت كمساحة للثقافة والتواصل. من جهتها، تؤكد مسؤولة المعسكر رنوة يحيى أنّ هناك رغبة في زيادة حجم التمويل للمعسكر المنوي انعقاده في المغرب العام المقبل.