إبراهيم الأمين ليس لدى أيّ من اللبنانيين الذين يدعمون المقاومة أي شك في أن وجودها يمثّل قوة، بل بين هؤلاء مَن أثبت بالتجربة استعداده للتضحية من أجل حفظ هذه المقاومة وتقويتها ودعمها بالطريقة التي تحقق الغاية منها في ردع العدو ومنعه من الاعتداء على لبنان.
لكن النقاش المتصل بهذا الأمر لا يقتصر عملياً على حالة التعبئة السياسية والثقافية وحتى الروحية الخاصة بالمقاومة وجمهورها اللصيق، إذ إن واقع البلاد من جميع النواحي، وواقع المناطق التي للمقاومة نفوذها القوي فيها، توجب مقاربة لمهمة كبيرة تقع على عاتق الجميع، لكنها تحتاج إلى مبادرة من القوى القادرة والنافذة، وخصوصاً من تيار المقاومة نفسه...
وإذا كان خطاب التعبئة لا يزال وسوف يظل صالحاً، فإن الخطاب الذي يجب إبرازه الآن هو المتصل بحركة عامة، تقود إلى طرح برنامج تنموي من شأنه سد الثُّغَر الناتجة من غياب الدولة من جهة، وعن الفوضى القائمة لدى القطاع الخاص من جهة ثانية. وتدل تجربة العمل النيابي والبلدي في كل لبنان، إضافة إلى الدور التشريعي لجميع النواب، على أن هناك حاجة إلى مقاربة مختلفة، وإلى توسيع قاعدة المشاركين في صياغة مشروع وصناعة قرار يخص إطلاق عملية تنموية تستهدف إشراك القطاع الخاص والقطاع العام في برامج تخص الإنتاج، وخلق فرص عمل، وإعادة الاعتبار إلى الصناعة المحلية، إضافةً إلى إطلاق ورشة لاستخدام مياه لبنان بالشكل الصحيح...
إن هذه المهمة تتحوّل تدريجياً إلى أولوية لا يمكن تجاهلها، ولا الاختفاء بالتذرع بالظروف الدقيقة والتوقيت المناسب أو مشكلات الآخرين، باعتبار أن الجمهور الذي لم ولن يتخلّى عن المقاومة ودورها وعن دوره في حمايتها، يجب أن يكون حاضراً في الأمكنة التي تمثّل قدرته على التفاعل وعلى المساهمة في إنتاج بقية عناصر المجتمع الحافظ للمقاومة. وسوف يكون من السذاجة انتظار قيام الدولة القادرة والعادلة، لأن الإنجازات الضخمة التي حققتها المقاومة خلال العقود الثلاثة الأخيرة تحتاج إلى حماية وحفظ، بالقدر نفسه الخاص بالمقاومة وسلاحها. وهذا واجب لا مجرد رأي.