ديما شريفتطلب زوجة باسم منه أن يساعدها في إعطاء طفلتهما حمامها اليومي. يوافق على مضض فتنهره قائلة: «ما عندك شي تعملو، فيك تساعدني». يضحك ولا يجيبها. فهو عاطل من العمل طوعاً منذ سنة، بعدما أقفل ابن التاسعة والعشرين عاماً مطعمه الصغير وانضم إلى زوجته الحامل في المنزل، متذرعاً بأن العمل قليل. لم يأبه وقتها، ولا الآن، لكيفية توفير مصروف عائلته الصغيرة، فهو اعتمد على كرم والدته وأخيه.
والواقع أنّ باسم اعتمد طوال حياته على الآخرين، فكانت ابنة اخته التي تصغره بعام تساعده في دروسه في المدرسة. وعندما انتقل للعيش في أميركا كان الوحيد الذي لا يعمل في صفه في الثانوية، وإخوته يوفرون له ما يحتاج إليه، فاشتروا له سيارة وهاتفاً لم يدفع فاتورة أي منهما. عاد إلى لبنان منذ 6 سنوات، وخدم في الجيش. وبقي ما يزيد على سنة عاطلاً من العمل بعد ذلك، إذ لم تعجبه أيّ من الوظائف التي دُبِّرت له. فاشتكى من بُعد المسافة، طول الدوام، قسوة العمل، وحتى تفاهته. عندما افتتح أحد أشقّائه ورشة لتصنيع الألومنيوم، أصبح باسم تلقائياً شريكاً. ولكنّ التجربة لم تعمّر. فبعد سفر الشقيق وتحوُّل حصّته إلى أحد أصدقائه، أصبح باسم مشاركاً في الربح ورافضاً لتحمّل الخسارة، ما أدى إلى هروب الشريك. تنقّل بعدها باسم بين المقاهي وشاطئ البحر حتى تعرّف إلى زوجته. فافتتح له شقيقه مطعماً صغيراً ليمارس هوايته المفضّلة في الأكل حتى يستطيع أن يخطب الفتاة. جاءت حرب تموز فتأثر عمله. ولكنه استمر فيه تحت ضغط العائلة والخطيبة، إلى أن تزوج. فأغلق مطعمه دون استشارة أحد بعد زواجه بأشهر عدة، وهو يبحث من وقتها عن مشروع جديد ليستثمر فيه سنة جديدة من حياته.
رغم كونه «عواطلياً»، لا يملك باسم وقت فراغ. فيتنقّل بين المقاهي والمساجد ليصلّي الفروض كلّها، بعدما وجد ربّه إثر انضمامه إلى صفوف العاطلين من العمل. وما بقي من وقت يمضيه في تناول الطعام، مشاهدة التلفزيون، وممارسة الألعاب الإلكترونية. تضحك زوجته وهي تسمعه يعلن نيّته لتخفيف وزنه، فتقول: «لا يملك وقتاً لأي شيء آخر غير الأكل، لذلك لا يستطيع العمل».