روز حسن سرور برحيلك يا والدي الغالي تركت في القلب وجعاً مرّاً وفي الحنجرة غصة كبيرة. رحلت لترتاح من الآه والوجع الذي تملّك جسدك الطاهر شهوراً. رحلت لتسكن في جنات الخلد، لترتاح من عالم الدنيا...
آه يا والدي ما أصعب الفراق! فراق الوالد المثالي، المثقف المؤمن الوفي الخلوق. فراق الوالد الأخ والصديق... فراق الوالد الذي لا يملّ من قراءة القرآن والأدعية! الوالد الذي عانى الأوجاع والأمراض منذ سنوات بعد الاعتقال والتعذيب في سجون الاحتلال. الوالد الذي لم يستسلم يوماً للقهر والظلم والمرض. الوالد الذي دُمّر بيته مرتين أيام الاحتلال وأثناء عدوان تموز ثم عاد وبناه ولكنه لم يره ولم يدخله إلا جنازة! يا والدي الغالي، الحاكورة تسأل أين الذي كانت يداه الخضراوان تعملان في ترابي؟ البيت يسأل: أين الذي كان دائماً يصلي ويقرأ القرآن والأدعية؟ الشجر المتبقي يسأل: أين الذي كان يداعبنا كالأطفال الأبرياء! الحارة تسأل: أين الذي كان يصدح بصوته الحنون بدعاء التوسّل ودعاء السِّمات؟!
آه يا والدي، أصبحنا في زمنٍ غريب يقال فيه البكاء على الأحبّة والأهل عيب. البكاء ذلّ وعار، البكاء حرام يقلل من قيمة الباكي، ولكن لن أصغي إلى هؤلاء المشعوذين، سأبكيك في الليل والنهار ومدى الحياة، لأنه لا مثيل لك في الأبوّة! لا يا أبي، لن أنساك لحظة. كيف أنسى أنينك من الألم. كيف أنسى وأنت تطلب مني أن أعطيك ما يخفّف وجعك! كيف لا أبكي على الوالد المرشد التقيّ الورع! كيف لا أبكي على الوالد الذي بقي في غيبوبة خمسة عشر يوماً لم يكلمنا ولم يرنا؟