روز زيادةالثقة سلاح ذو حدّين. إذا ما أعطينا الثقة المطلقة لأحدهم، تكون الحافز لخيانتنا. وإذا أخذناها أيضاً توسوس لنا بالتحايل على آخرين. لذلك كلمة «الثقة» أصبحت شراً لا خيراً. يمكن أن نكون صادقين ولكنْ حذرين. أن نُحبّ وأن نضع النقاط اللازمة عند الضرورة. أن نعمل ونطالب في الوقت المناسب بحقوقنا. بمقولة «بقدر الحب الذي نحبه نُسامح». لم أقل الثقة بل الحب.
حتّى الحكّام والنواب يعتقدون أنّهم بانتخابنا لهم أخذوا ثقتنا، فيلغون موادَّ في الدستور، ويحوّرون موادَّ أخرى في قانون الانتخاب والعقوبات والإعفاءات. ويغتصبون صلاحيات هذا ويعطونها لذاك. وكل هذا بقوة الثقة.
منذ وقت ليس ببعيد، طلبت من معدّي برامج المقابلات التلفزيونية والإذاعية أن يرأفوا بأعصاب الشعب المنهوكة من متطلبات الحياة التي أصبح تأمينها صعباً بسبب ما نعاني من الفقر. طلبت يومها استبدال برامج المقابلات، وخاصة مع أهل السياسة. أولاً لأنهم يستغلونها لدعاياتهم السياسية، وثانياً لأنهم يعلّموننا على تحوير الحقائق، وعلى إلقاء تبعية أخطائنا على كاهل الخصم. ولكن لم يصغوا إلى ندائي ذاك. فإنني أعيد الطلب إلى معدّي برامج المقابلات مع السياسيين الذين يمرون مداورة على شاشاتنا الأرضية والفضائية، وخاصة أن الانتخابات النيابية أصبحت على الأبواب، ولن تكون حلقاتهم سوى دعائية فردية. كما أنّه منذ سنوات لم نغادر دائرة الشتائم، واللوم، والكلام للكلام.