سمير يوسفيخرجُ منّا شيءٌ كلّ أمسية، يجعَلُ أغصاننا نضرة وحيويّة أكثر مع دخول الليل؛ «محكومٌ أنت بالارتطام ومعاودة الارتطام يا أيُّها البريء»، يصرخ.
إننا إن صادقنا نسمات الجرد والجنس، نعانق الانكسار، نحبُّه، ننبذهُ، نخاف منهُ. إننا إن صادقنا نسمات الجرد والجنس، لا نروي إلاّ أنفسنا.
خرجتُ وألف نحلة، مررتُ بالأرصفة اللامعة المنزلقة على أقدام عشّاقها، مررتُ بالخريف الرّخم المغمور برائحة القهوة والقشدة البيضاء.
مررتُ ببخار القطارات، مررتُ بسهلات القمح الشهي. في كلّ تلك الأماكن لم يكن هناك بصيص رحيق، سوى التجوال.
ماذا تقول نحلةٌ عبرت سهوب القمح؟ لم ليس هناك من زهرة للطحين؟
فقط أنت أيّها التجوال، تدفعني لأضع قلبي في صندوق التبرعات.
فقط أنت يا دوّامة، فقط أنتَ أيّها السّفر، تُشوِّهني و«تفرفط» عظامي في هواء الغيب.
أتستحقّ؟
صدركَ أيّها العاشق شاسع، مثل عشرين مظلّة أيام الرذاذ.
تفتحهُ وتفتحهُ، لعلّ هذا المطر الخفيف يسقي أرضك المذبوحة.
تفتحهُ وتفتحهُ، لأنّك جاهلٌ بأمور الريح المهاجرة.
تفتحهُ وتفتحهُ، فيتطاير في كلّ الاتجاهات، «يتشلّع» مع السّفر،
حتى تخيطهُ لكَ امرأة من جديد، وهي نفسها تمزِّقه ببرودة.
صافيةٌ أنتِ مثل هدوء الزيتون، وعيناكِ مفعمتان بالدّمع الشّهي مثل عينيْ أبي؛ قادرةٌ أنتِ مثل ملمس السنديان، ويداكِ صانعتا أملْ كالذي غسلتني فيه أمي يوم مجيئي، نعم تستحقّ، أنتَ الشقاء والعسل.