ليال حداد«مش هيني تكون لبناني». الإعلان يضحكني، صحيح أنه ليس من السهل أن يكون المرء لبنانياً، ولا أن يتحمّل وزر لعبة داخلية وخارجية غالباً ما يدفع هو ثمنها، ولكن هذه الصعوبة ليست حكراً على اللبنانيين. فمن قال مثلاً إنه من السهل أن تكون باكستانياً، أو تخيّل صعوبة أن تكون فلسطينياً، أو سودانياً أو أريتيرياً. والأسوأ هو تخيّل حياة هذه الجنسيات في لبنان، لذا أظنّ أنه بات من الضروري استبدال هذه العبارة «الكليشه» بجملة «مش هيني تكون بلبنانِ» على اختلاف جنسيتك.
وللتوضيح فقط، الإعلان يعجبني فهو ذكي، يلعب على وتر الوطنية، ويختصر بعضاً من مشاكل اللبنانيين، ولكن ينقصه الكثير فهو يبدو «فينيقياً بامتياز»، ويتناسى عدداً من المشاكل التي تواجه اللبناني، فمثلاً ليس سهلاً أن تكره الطائفيين في لبنان، المجتمع سينبذك ببساطة، وليس من السهل أن تكون لبنانياً يكره الداون تاون والجميزة ومونو والبترون وملاحقاتها... اللائحة طويلة ولسبب ما يتناساها
الإعلان.
المهمّ في الموضوع، أنه في حياتي الشخصية، أنا اللبنانية منذ أكثر من عشر سنوات، صعوبات تتجاوز جنسيتي. فمثلاً عبارة «مش هيني وجع البطن أثناء المرض» أكثر تعبيراً عن إحدى أبرز مشاكلي في الحياة. أو مثلاً «مش هيني ولادي يخلقو لاجئين مع البطاقة الزرقا ببلد متل لبنان». أما أكبر صعوبة فقد تكون ضرورة مقاطعة منتجات شركة نستله لدعمها إسرائيل وفي الوقت نفسه إدماني على شوكولا كيت كات، «وحلّها إذا فيك».
«اللبناني وحدو يلي عمبعمّر من دمو ولحمو عمبعمّر»، قبل ثلاثين ثانية من نهاية الإعلان تظهر هذه العبارة، معها صورة لبنانيين يعملون في البناء والعرق يتصبّب من وجوههم. المشهد جميل ومؤثّر، ولكن لحظة، أليس هذا اللبنان نفسه الذي عانى أزمة في عمال البناء عندما بدأت الحملات العنصرية ضدّ السوريين بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري فرحلوا إلى بلادهم؟.