بغضون ساعات لم تطل، انقلبت الصورة بشكل غريب. وجاء التغيير على الشكل التالي: 1ـــ عاد السلاح ليسمّى سلاح المقاومة لا سلاح الغدر.
2ـــ لم تعد الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتحرير مزارع شبعا والأسرى، فـ«إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة».
3ـــ غاب تعبير «النظام الأمني اللبناني ـــ السوري المشترك» (ألم يلحظ أحد ذلك؟)، وحلّ مكانه آخر: «العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا».
4ـــ تحوّلت المعارضة من فريق قاتل، أو مشارك في الاغتيالات السياسية، إلى طرف أساسي وضمانة للعيش المشترك.
5ـــ لم يعد حزب الله ذراعاً إيرانية تسعى إلى إعلان لبنان جمهورية إسلامية كجزء من ولاية الفقيه.
6ـــ سقطت عن الأكثرية تهمة العمالة لأميركا وانخراطها في مشروع تقسيم المنطقة، وباتت عنصر مشاركة فعالاً وضرورياً.
7ـــ لم يعد سعد الحريري منفّذاً لمشاريع سعودية، وتحوّل إلى شخصية ورثت الانتماء الوطني ومشاريع الإعمار.
8ـــ انسحب العميد كارلوس إده من 14 آذار، وأعلن استعداده للتحالف مع العماد ميشال عون.
وأمور كثيرة أخرى تبدّلت بين ليلة و«دوحاها» (نسبة إلى الدوحة)، مثل ارتفاع سعر ربطة الخبز، وصفيحة البنزين، والمواد الغذائية والاستهلاكية. حتى سعر السلاح ارتفع بعد «حفلة الدمار» التي عمّت جيمع المناطق اللبنانية.
تجول في الشوارع محاولاً التفكير بهذه الأمور، تدخل المقاهي والمطاعم، تشرب كأساً هنا وأخرى هناك. لا تستطيع الوصول إلى نتيجة، حتى بعد ساعات من البحث والعجز عن النوم. لا أمل في تحليل كل هذه المتغيّرات ما دام لا تعديل سيطرأ. سعر ربطة الخبر، نعلم أنها ستُستهلك في غضون أيام أو ساعات قليلة، وسعر ورقة لوتو قد تغيّر الأحوال كما تتغيّر الأوضاع السياسية والمعيشية بين ليلة وضحاها. لكن سعر رصاصة كلاشنيكوف هو نفسه أيضاً (بعد أن ارتفع السعر أخيراً). ولرصاصة في الرأس، تأتي أيضاً بين ليلة وضحاها، مفعول أسرع من موت من الجوع يأتي بطيئاً ومذلاً.

نادر...