لميس يموتيا أيادي انفتحي واهرعي لتحضني من اشتاقت لقيامهم المُقل والأفئدة. عادوا ليكملوا نصرهم ويؤكدوا عزمهم وقدرتهم على تحقيق المستحيل. أكانوا أحياء أم شهداء، عادوا بجثامينهم الطاهرة، حاملين انتصاراتهم بأكفانهم البيضاء الناصعة كقلوبهم. يا أم الشهيد، لقد عاد من طال انتظاره. لقد عاد ابنك فلذة كبدك، مقلة عينك ونور قلبك، فهلمّي ورشّي الورد والزنبق وافرحي بلقائه. يا أشرف الأمهات، لا تبكي حزناً بل ابكي فرحاً لأنك نلت وسام الشرف، وسام الشهادة، لقب أم الشهيد. واعلمي أنكِ كنتِ تواكبينه، تناضلين بنضاله، تصبرين بصبره، لا تضعفي أمامه، كوني له كما كنت دوماً القوة، الزخم والحضن الدافئ، وضمّيه إلى صدرك وعانقيه بصمتك الحنون. لا تخجلي من أن تذرفي دمعك الذي أسر في مقلتيك يوم أسره، فقد حان الوقت لتطلقيه كما أطلق أسره. اتركيه ينهمر ليغمر جسده ويتغلغل في أعماقه ويشعره بأمانك الذي حرم منه وهو بعيد. اروي جسده الذي تيبّس من قسوة القلوب المتعجرفة والنفوس المتسخة والضمائر التي ماتت وطمرت بغير عودة.
يا أسرى الشرف والعزة والعنفوان، عودتكم هي صحوة ضمير للوجدان اللبناني، برهان على علوّ الحق على الباطل ودليل على النضال الحقيقي.لبنان افرح. كفاك حزناً، إن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فشمس الصباح قد أشرقت بعد ليل طويل، فكفاك ارتداءً للون الأسود. يا وطناً لا يعرف الصعاب. يا ملجأً لكل الأحباب. لقد وصلوا فافتح لهم الأبواب، لنهتف للقياهم ونستقبل أرواحهم الحرة والمجردة كل التجريد من المصالح الخاصة والغايات الدنيوية الدنية والمزايدات، وما إلى هنالك من الصفات التي اتّسم بها ويتسم بها ضعفاء الأنفس والضمائر التي باتت تباع وتشرى في زماننا هذا.
إن شعلة الانتصار أضيئت بنار قضيتهم، وما من شيء قادر على إخمادها ما دام هناك أُناس يناضلون ويستشهدون من أجل كلمة الحق. هم سفينة الأحرار التي رست على شواطئ لبنان، حاملة معها الفرح والبهجة والأمل.
هم العهد الحق الذي سيقضى به وستحفر أسماؤهم وأعمالهم ونضالاتهم في كل بقعة، في كل بيت، في كل قلب من لبنان. يوم العودة هو يوم التأكيد على أن الحق حق والنضال واجب والدفاع عن المظلومين والأسرى المعتقلين فرض فُرض علينا باسم الإنسانية. لكم منّا التقدير والتعزية والتبريكات يا أهل الشهداء، يا أهل الأحباء، لكم منا كل التهاني على صبركم وانتظاركم وانتصاركم، بالرغم من انفطار قلوبكم. في الوقت نفسه، في قلبي حرقة على ما قد عانيتموه في السنين الفائتة من آلام وأحزان.