ساندي مارونيجلس شربل مسترخياً، يمسك القلم الواجب استعماله، ويفتح الحوارات مع الأصدقاء على جهاز I-Mate الموصول إلى شبكة الإنترنت. تلك حالته منذ عام ونصف. يمتعض أهله وأصدقاؤه من تصرّفه. فمع هذا الجهاز، يصير حضوره بينهم جسدياً، بينما توقّده الذهني محصور بشاشة الـI-Mate وفي الحوارات الافتراضية مع آخرين. يبتسم أحياناً، يضحك أحياناً أخرى، يفكّر، يقرأ... كلّ ذلك بصحبة I-Mate، ومن غير أن يفهم المحيطون به أسباب انفعالاته. شربل مثال على ظاهرة تجتاح الشباب المستهلك لتكنولوجيا الهواتف الحديثة والباهظة الثمن، والذين لا يعيرون اهتماماً لجلسات الأهل والأصدقاء، ينفصلون عن الواقع وعن محيطهم ليتّصلوا بأوساط اجتماعية افتراضية (virtual).
ليا شلهوب، في مقلب آخر. رغم اقتنائها لهاتف I-Phone، إلّا أنها لا تفرط في استهلاكه. الإبحار في الإنترنت ليس هوايتها المفضّلة، اتّصالها بالشبكة بواسطة هاتفها يقتصر على مهمة فحص بريدها.
يختلف استهلاك الـI-Phone و الـI-Mate بين شاب وآخر. كثيرون يحصرون تركيزهم بآلاتهم، رغم وجودهم بين مجموعة من الأهل، الأصدقاء أو في صفوف الدراسة مثلاً. آخرون يقيمون توازناً في علاقتهم به، وخاصّة خلال اتصالهم بشبكة الإنترنت في المنزل أو حتّى في مكاتب العمل.
يردّ الدكتور ميشال السبع، عالم الاجتماع والمحاضر في الجامعة اللبنانية، استهلاك الشباب لجهازي I-Phone وI-Mate إلى عدّة أسباب، ويقول «هذان الجهازان من أدوات العولمة الحديثة. أبناء مجتمعنا سيستخدمونها شئنا ذلك أو أبينا، وعلينا أن نتعامل معها»، ويضيف: «ثمة عوائق اجتماعية وأحياناً دينية كبيرة تمنع قسماً كبيراً من الشباب من التواصل مع آخرين. في العالم العربي وفي البلدان المتخلّفة ثمة ضوابط اجتماعية تجعل الأفراد ينصرفون للتواصل عبر الخليوي والإنترنت».
تعلّق جزء كبير من الشباب بآلات التكنولوجيا الحديثة هل يقتصر على الرغبة في التأقلم مع الواقع المعولم؟ يرى السبع أن فئة كبيرة من الشباب «تتخيل أنّ الكلمة يمكنها أن تجعل تحقيق أحلامهم أمراً ممكناً وواقعاً ملموساً. يشعر الشاب بأنّه خارج منطقة العراك. يمكنه أن يلجأ إلى الشتم وقول كلام بذيء، ويمكنه التعبير عن الهواجس، عن الأوجاع والآلام... كل ذلك دون أن يُلقى القبض عليه. التواصل عبر هذه الأدوات هو عملية تقنّع تعفي صاحبها من الظهور بمظهره الحقيقي»، ويذكّر السبع بأن الوضع الاقتصادي المتردي حرم جزءاً من الشباب اللبناني من النزهات وارتياد الملاهي، إنهم «لا يخرجون، ولا يتواصلون كل يوم، ما يجعل تواصلهم قائماً بواسطة هذه الأدوات».


أيقونات اللمس والكلام

يعتمد آي فون على الأيقونات، فلا حاجة إلى القراءة، كل شيء مرسوم، وما على مستخدمه سوى أن ينقر على أيقونة توصله بالخدمة التي يختارها. وأُدمج «آي بود» في هذا الهاتف...مما زاد من رواجه بين الشباب


رفيق موظفي المبيعات

الـI mate ، هو أيضاً هاتف نقّال، يستخدمه موظفو المبيعات بشكل كبير، لأنه يسمح لهم بالدخول إلى شبكة الإنترنت، والتواصل مع آخرين، أكانوا في التاكسي أم في مراكز التسوق أم في مكاتب العملاء