البقاع ـ أسامة القادريدمشق ـ منار ديبومع الوصول إلى النقطة الفاصلة، أُقيم احتفال تسليم وتسلم للرفات بإشراف الهلال الأحمر السوري والهيئة الصحية الإسلامية التابعة لـ«حزب الله»، وكان في استقبالها وزير الهلال الأحمر السوري، الوزير بشار الشعار، ومحافظ ريف دمشق، نبيل عمران، وقائد شرطة ريف دمشق.
بعدها أكملت القافلة مسيرها إلى الفسحة الفاصلة بين الأمن العام السوري والجمارك، حيث نُقلت الجثامين من السيارات التابعة للهيئة الصحية الإسلامية إلى شاحنات سورية مكشوفة ومزينة بالورود أعدّت للمناسبة.
وما أن دخلت القافلة الحدود السورية عبر معبر المصنع ـــــ جديدة يابوس الحدودي، حتى استقبلتها ثلة من الحرس الجمهوري السوري قدمت لها تحية السلاح، وعبرت القافلة بين صفيها، وسط الزغاريد ونشر الأرز والورد من المواطنين وأهالي الشهداء الذين انتظروا عند الحدود منذ ساعات الصباح الأولى، متسلحين بصور شهدائهم وصور الرئيس السوري بشار الأسد والسيد حسن نصر الله.
وكان في استقبال الجثامين ممثلو الفصائل الفلسطينية والأحزاب السورية المختلفة، وممثلو عدد من البعثات الدبلوماسية، إلى جانب رسميين سوريين، منهم وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب جوزيف سويد. وتسلم الوزير الشعار والمدير العام لمنظمة الهلال الأحمر مروان عبد الله الجثامين.
وقد أقيم مهرجان خطابي في النقطة الحدودية، بدأ ظهراً واستمر حتى انطلاق قافلة الشهداء باتجاه دمشق بعد الواحدة، تحدث فيه كل من طلال ناجي والسيد إبراهيم أمين السيد، وعصام المحايري عن الحزب السوري القومي الاجتماعي، والدكتور ياسر حورية عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
وقال حورية في كلمته إن يوم تسلم الجثامين «يوم أغر في حياة أمتنا، سطّرته سواعد الرجال وتوجته بالنصر ملاحم الأبطال». وأكد «وقوف سوريا الدائم إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق».
وأضاف: «هذا الدور الذي دفعت ثمنه سوريا، لكنها لن تحيد عنه، وقد عاد العالم بأجمعه ليعترف بدور سوريا الاستراتيجي في المنطقة، وهذا دليل على صوابية مواقفها».
وقد وصلت القافلة التي نقلت جثامين الشهداء، والتي شاركت فيها أعداد كبيرة من السيارات المزينة بالأعلام الفلسطينية والسورية وأعلام الفصائل إلى ساحة الأمويين بدمشق بعد الثالثة. وتأخر الوصول بسبب كثافة السيارات على طول الطريق، إذ اصطف المواطنون لتحيتها. كذلك ورفعت الأعلام السورية على الشرفات في أوتوستراد المزة.
وبعد وصول الموكب إلى دمشق، تابع طريقه في قلب العاصمة باتجاه مركز الهلال الأحمر العربي السوري في حرستا عند المدخل الشمالي للمدينة، حيث فُرِزَت الجثامين. وإثر عملية الفرز تسلم ممثلون عن السفارة الليبية جثامين ثلاثة شهداء ليُنقلوا إلى ليبيا عبر المطار في وقت لاحق، فيما لم يحضر ممثلون عن السفارات العربية الأخرى. ولدى سؤال وزير الهلال الأحمر الدكتور بشار الشعار عن مصير الجثامين التي تخص الدول العربية قال: «سنحتفظ بها ولن ندفنها حتى يصلنا رد منها».
كما نقل الشهيدان الأردنيان مع الشهداء الفلسطينيين ليُدفنا في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك أسوة بستة شهداء سوريين. وعزا الوزير الشعار دفن الأردنيين في اليرموك إلى رفض السلطات الأردنية تسلُّم جثمانيهما من الطرف الفلسطيني. ونقل الشهداء إلى مخيم اليرموك في شاحنة واحدة، فوضعت التوابيت فوق بعضها وشكلت ثلاث طبقات، ما أثار استياء الأهالي، وخصوصاً مع توافر عدد أكبر من الشاحنات، أي تلك التي أتت بهم إلى المركز. وقد نقلت رفات بعض الشهداء من فلسطينيين وسوريين إلى المحافظات السورية المختلفة بعد الاستقبال والفرز، وستشهد هذه المحافظات صباح اليوم احتفالات لاستقبال الجثامين.
وفي مقبرة الشهداء الجديدة في مخيم اليرموك كان مشهد التشييع حافلاً. فقد سارت النعوش عبر شوارع المخيم في مسيرة حاشدة شارك فيها العدد الأكبر من سكانه، الذين تجمعوا في المقبرة، حيث ألقى عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية فهد سليمان كلمة باسم الفصائل الفلسطينية. ولم يخلُ مشهد الدفن من تدافع وفوضى كبيرة، وقد خشي بعض الأهالي من حصول خلط ولغط في الأسماء. هذا وتدرس الفصائل الفلسطينية إمكان تكريم كل الشهداء عبر مشروع يقوم على بناء مسلة تضم إلى جانب أسماء الشهداء الذين تسلموهم أمس، كل الذين ووروا الثرى في البقعة نفسها، من دون تحديد وقت لذلك.
ويبلغ عدد الشهداء الذين تسلمتهم سوريا مئة وستة عشر شهيداً يحملون جنسيات مختلفة، فبينهم 70 فلسطينياً، و33 سورياً، و6 تونسيين، و3 ليبيين، وأردنيان وعراقي ونيجيري.
من جهة ثانية، دعا الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى المشاركة في تشييع رفات عروس الجنوب الاستشهادية سناء محيدلي عند الخامسة عصر غد في بلدتها عنقون. ويشيع الحزب الاستشهادية زهر أبو عساف اليوم في مدينة السويداء في سوريا. وكان الحزب قد تسلم رفات الاستشهادي محمد قناعة.