سناء الخوريفي الأيام الـ17 التي غابت فيها سناء عن البيت، قبل أن يصل نبأ العمليّة، بدأت الملامة تنهال على الأم من كلّ صوب. الكلّ في العائلة المحافظة راح يسأل أين البنت؟ تبدأ فجأة بالبكاء وتتذكّر اليوم الأخير، عندما أحضرت سناء المناقيش ورتبت البيت ووقفت في غرفة نوم أخوتها كأنها تودّعها. تتذكر الأم دمعة في عيون ابنتها لم تفهمها، كما لم تفهم أيضاً لماذا قالت لها: «قفي وقفة عزّ مهما كان الخبر الذي تسمعينه في الأيام القادمة». يوسف محيدلي ما زال يعيش حالة العزّ تلك منذ يوم الاستشهاد. يستحضر الفترة التي أقام فيها الإسرائيليون حواجز على الطرقات أثناء الاجتياح ووزّعوا الحلوى على المارّة. آنذاك رمت ابنته الصغيرة الحلوى بوجه الجنود. يحاول أن يسترجع صورة سناء التي تطوّعت مع فرق الإسعافات الأوليّة، وكادت تحطّم التلفاز عند متابعتها أخبار فلسطين. ربما لهذا لم يستغرب ما قامت به ويبدي فرحاً بالمدارس والشوارع والثكنات التي أطلق عليها اسم سناء، لكنّه يبدو أكثر اعتزازاً عندما يخبرنا كيف يناديه الناس في ليبيا «أبو سناء». لا يريد نجوميّة غير التي منحته إيّاها ابنته، فيندفع في الكلام ويتذكّر الطالبات الجامعيّات اللواتي أردن أن يلتقطن معه صورة بعدما عرفن أنّه والد سناء محيدلي. حنين يعيشه الأهل إلى ابنة كانت مقتنعة بأنّها ستغيّر شيئاً ما في هذا الكون. حنين لم يقنعهم بالبقاء في هذا البلد. لن نسألهم لماذا.