بعد خروجهما من سجن رومية حيث تعارفا، التقى محمد وعلي ليتشاورا في العمل الذي سيبدآن مزاولته معاً. لم يجد المحكومان السابقان بجرائم السرقة أفضل من النشل. لم يتأخر تنفيذ الاتفاق، وبعد يومين باشرا العمل. كان أحدهما يقود الدراجة النارية، فيما ينشل الثاني حقائب النسوة، ثم يتقاسمان «الغلة» النقدية. أما الهواتف الخلوية والمصاغ، فكان علي يأخذها لتصريفها، ويعطي شريكه حصته من ثمنها.أولى العمليات كانت في الشويفات، حيث مر الرفيقان على متن دراجة نارية بالقرب من لينا ع.، وشدّ أحدهما حقيبتها المعلقة بكتفها، فوقعت الضحية أرضاً. فر بعدها الشابان، ومعهما الحقيبة وبداخلها جهاز خلوي وأوراق ومبالغ مالية وبطاقات ومفاتيح.
مرت 6 أشهر هادئة من مزاولة المهنة الجديدة. وبعد واحدة من السرقات التي كان قد قام بها، قصد محمد منطقة الناعمة. ترجل من سيارة مرسيدس (نوع قطش) وهو يحمل مسدساً، وبدأ يرمي حقائب نسائية في برميل نفايات في المحلة المذكورة. أثناء ذلك شاهده أحد رتباء مخفر الدامور، إلا أن محمد، لدى ملاحظته للرتيب انطلق بالسيارة هارباً. طارده الرتيب إلى أن توقف المتهم ولجأ إلى داخل أحد البساتين. لكن الرتيب تمكّن مع دورية مؤازِرة وصلت إليه، من تطويق المكان والقبض على محمد. وبعد تفتيشه والسيارة، عُثر على مجوهرات ونقود وأوراق شخصية وثبوتية ومسدس بلاستيكي. أما في برميل النفايات، فوُجِدَت حقيبتان نسائيتان بداخلهما أدوات تجميل وهما مغطاتان بالبنزين لأن محمد كان ينوي حرقهما.
وخلال التحقيق، قال محمد إنه بدأ مزاولة السرقة بعد خروجه من السجن لأنه كان بلا عمل. واعترف بأنه سرق السيارة التي كانت في حوزته قبل 20 يوماً من توقيفه، وأنه أقدم قبل يومين على سرقة حقائب من نسوة في الشويفات. كذلك أشار محمد إلى أنه سرق عدداً من الدراجات النارية واستخدمها في نشل النسوة، إضافة إلى السرقة من داخل السيارات المتوقفة عند شاطئ البحر أو في «بورة» ما. وأشار محمد إلى أن نشاط عمله توزّع ضمن إطار جغرافي شمل بيروت وجبل لبنان والشمال، وأقر بأن عمليات السرقة كانت تتم بالاشتراك مع شريك له يدعى علي.
وبعد إحالة القضية على المحاكمة، قضت محكمة الجنايات في جبل لبنان بتجريم محمد، وأصدرت حكماً غيابياً بحق علي الذي لم يحضر المحاكمة. وبعد القبض على الأخير في أيار 2007، حوكِم وجاهياً لتدينه المحكمة ذاتها قبل أيام مكتفية بمدة توقيفه. القضية المذكورة ليست فريدة لناحية عودة محكومين إلى ارتكاب الجرائم ذاتها بعد خروجهم من السجن. فهل من يضع برنامجاً لتحويل السجون من مؤسسات عقابية إلى مراكز للإصلاح؟.