محمد مجسنارتبطت النارجيلة قديماً بالطبقة الميسورة من باشاوات وإقطاعيين، ومن بعدهم التجار وملّاك الأراضي إلا أنها تحوّلت اليوم إلى فولكلور شعبي. ساعدت الثقافة الجديدة وقوامها الاستهلاك المرتفع والبطالة على انتشارها. الإقبال الشبابي يتجه بنسبة ساحقة نحو نراجيل المعسّل. والجَيب شبه الفارغ لا يسمح بأكثر من 1750 ليرة ثمناً لعلبة تصنع عدة «رؤوس» في البيت، أو خمسة آلاف في المقهى ثمناً لنرجيلة معسّل عنب في «أيام اللوج». أما كبار السن ممن لا يزالون معجبين بها، فهم يتّكلون على التنباك. 35000 ليرة هو ثمن كيلو التنباك غير الفاخر، فيما يرتفع سعر النوع الجيد جداً إلى 60000 ألف ليرة. الأمر مرتبط كما يبدو بهيبة اجتماعية يحققها هذا النوع من الدخان، لأن المعسل للـ»الولاد» وأصحاب «الرؤوس الخفيفة». المقاهي المنتشرة في الأماكن السياحية كوسط المدينة مثلاً، تلعب على وتر هيبة الـ DT فيرفع أصحابها الأسعار. يصل سعر نرجيلة المعسل في تلك المقاهي إلى 15000 ليرة، أي ما يقارب غلّة سائق تاكسي في زمن اقتصادي رديء. هيبة التنباك ثمنها 22000 ألفاً، أي ما يقارب ثمن دجاجتين لا تشبعان عائلة فقيرة. «يفخفخ» البعض ويدفع ثلاثين دولاراً ثمناً لنرجيلة قاعدتها بطيخة مجوّفة. لا يضيع السعر المرتفع بحضرتها، فهذه نارجيلة الكوكتيل.
يقول بعض المدخنين إنهم يلجأون إلى التنباك أو المدبّس من باب العودة إلى الطبيعة!! ويصفون ضرر المعسل بأنه أقوى بكثير. الجميع ما زال متوقفاً عند عتبة الإدمان. يسوق مبرّرات كثيرة، لا ينفع معها نمط وعظي. الأموال تصرف بمعدلات عالية في السنة، لقاء لذة مضرة تحقّقها علبة رخيصة ومهرّبة أحياناً. ورأس التنباك يصطنع هيبة تتداعى أمام أمراض تنتظر المدمنين. فالفقراء، وهم أحوج الطبقات للحفاظ على الصحة والمال، هم أكثر طبقة تستهلك ذلك السّم البطيء والمكلف..