ثائر غندوريُحاول البعض الإيحاء بأن علاقة حزب الله بالسوريين متوتّرة. يقول هؤلاء إن الحزب لم يستشر دمشق كفاية خلال أحداث 7 أيّار، وأنهاها بشكل سريع عكس ما أراده السوريون. لكن المعلومات الواردة على لسان زوار دمشق تقول العكس. ينقل هؤلاء دعوات سوريّة للمعارضين، وتحديداً السنّة منهم، لعدم «ظلم حزب الله»، لأنهم حصلوا على «أفضل الممكن عبر اتفاق الدوحة». ويُضيف هؤلاء أن موافقة دمشق على اتفاق الدوحة وتسهيلها لتطبيقه، كان رد جميل لدولة قطر «التي لها علينا الكثير، فهي وقفت إلى جانبنا في أحلك الظروف وأصعبها» بحسب ما يُنقل عن مسؤول سوري رفيع المستوى.
يتشعّب النقاش حول المعارضة وإمكان رصّ صفوفها وإعادة تجميع قواها بين يساريين وإسلاميين ووطنيين، للحصول على أكبر عدد من النواب الـ 28 التي تدور المعركة حولهم. فالسوريون مقتنعون بأن كلاً من المعارضة والموالاة يخوض الانتخابات وفي جيبه خمسون مقعداً لكل منهما.
هذا عن الداخل اللبناني الذي يرى السوريون أنه أصبح أكثر ملاءمة لهم ولحلفائهم، وخصوصاً أن «المشروع الأميركي فيه تلقّى ضربةً قويةً جعلته يفقد توازنه لكنّه لم ينتهِ بعد». لذلك أعلن السوريون عن مفاوضاتهم مع إسرائيل التي بدأت منذ أكثر من سنة «بمعرفة حزب الله وحماس وإيران» في وقت اعتبروا أنه يؤذي فريق الأكثريّة الذي كان يُراهن على سقوط النظام في دمشق، وإذ به يُفاوض الإسرائيليين.ويستفيض أحد المسؤولين السوريين بالشرح أمام من زاره أخيراً حول المكتسبات التي حصل عليها النظام بعد الإعلان عن التفاوض «فزارتنا وفود أوروبيّة عديدة ولم تبق دولة غربيّة إلّا تواصلت معنا». كما يُنقل عنه أن الدبلوماسيّة الألمانيّة حاولت لعب دور الوسيط بين الطرفين «لكنّنا فضّلنا أن نُعطي هذا الشرف للأتراك لأن علاقتنا بهم مميّزة». فدمشق تجاوزت أزمة لواء الأسكندرون، وتراقب مع أنقرة تطوّر الأمور شمال العراق حيث شبه الدولة الكرديّة، وحيث «ينشط الموساد على نحو كبير».
من هنا تأتي راحة دمشق وانشراح مسؤوليها. علاقة مميّزة مع الدولتين القويتين المحيطتين: تركيا وإيران. عراق ضعيف لكن لدمشق كلمة في إدارة شؤونه، وإعادة تموضع سياسي في لبنان تقوي الموقع السوري، إضافة إلى مفاوضات مع «العدو»، رغم القناعة أن لا نتائج إيجابية في المدى القريب لهذا التفاوض، وفي الوقت ذاته استعداد عسكري لمواجهة أي حرب ممكنة.
أمّا على المستوى العربي، فالعلاقات ليست في أفضل حالاتها، وخصوصاً مع السعوديين. وينقل أحد المسؤولين السوريين كيف كان مسؤول سعودي رفيع المستوى يستشيط غضباً من «ازدياد موجة التشيّع في سوريا ووصول عدد شيعتها، على ما زُعم، إلى أكثر من 4 ملايين شخص». عاد المسؤول السوري إلى بلاده، ونشطت أجهزة الاستخبارات لمعرفة حقيقة هذا الرقم، فتبيّن أن هناك «انتشاراً للوهابيّة في أوساط السنة ولا وجود لحالات تشيّع، وإن وجدت فبنسية ضئيلة».
عاد المعارضون من سوريا مطمئنين. يرون أن هناك إمكاناً لتطوير حضورهم مع وعد سوري بالمساعدة إذا استطاعوا مساعدة أنفسهم أولاً وتنظيم صفوفهم.