مهى زراقطبالدور، تروح كلّ منهنّ تحكي ما تفكرّ به فعلاً من دون أن تترك صورة فقيدها. كلمات صادقة وبسيطة أطلقتها كلّ منهن كانت تُدمع عيون الموجودين... تشعر كلّ واحدة بمعنى كلّ جملة تتلفظ بها الأخرى، فالألم لا يوجع إلا صاحبه، أو يحمل وجعاً مماثلاً. بعض من خانته اللغة منهنّ نظر بإعجاب وامتنان إلى أم عزيز، التي كانت لسان حال الجميع.
أم عزيز ديراوي فقدت أولادها الأربعة: عزيز، أحمد، منصور وإبراهيم. تريدهم "أحياءً أو أمواتاً... أريد أيّ شيء من رائحتهم، ولو كان قميصاً». الصورة بين يديها تجمع الشباب الأربعة، عمرها من عمر رحلة بحث بدأتها الوالدة ولن تنهيها، فهم سيعودون: «في بيتي غرفة فيها مكيّف، أمنع أولادي وأحفادي من النوم فيها لأني أنتظر أن يعود المفقودون وأنام بينهم». هي أوصت ابنتها أن تشتري لهم ثياب نوم «فقد يكونون من بين العائدين في عملية التبادل المنتظرة»، وإذا لا «ظهّرت لهم صوراً بقياس صغير وأوصيت أن تُدفَن معي».
أم إبراهيم زين الدين لم تنهكها السنون، ولم تمنعها من تلبية الدعوة للمطالبة بكشف مصير ابنها: «كلّه أهون من حالة القلق التي أعيشها كلّما دقّ باب البيت وشعرت بأن إبراهيم هو الطارق... شو بدّي قول أكثر؟».
صفا سبقهنّ إلى القول، «ننتظر اليوم التقرير الإسرائيلي عن المفقودين، ونؤكد باسم الأهالي أن أولادنا أحياء في السجون الإسرائيلية ما لم نتسلّم جثثهم، وسيبقى هذا الملف مفتوحاً ما لم تُفرج إسرائيل عن فلذات أكبادنا أحياءً كانوا أو أمواتاً». ودعا إلى اعتصام في 14 تموز المقبل، يوم الأسير اللبناني، أمام مقرّ الصليب الأحمر الدولي.
من كورنيش المزرعة إلى المشرفية، حيث كان يعقد اجتماع لهيئة ممثلي الأسرى في السجون الإسرائيلية لمناقشة التحضيرات والترتيبات لاستقبال الأسرى العائدين وجثث الشهداء، تطلّ قضية المفقودين من جديد. عدد من الأحزاب والفصائل الفلسطينية قدّم لوائح بأسماء شهداء وتواريخ العمليات التي نفذوها في جنوب لبنان أو فلسطين. بعدها يدور نقاش حول الوقت الذي قد يستغرقه تحديد هويات الشهداء، مكان التشييع، احتمال إرسال جثمان الشهيدة دلال المغربي إلى فلسطين لدفنها هناك حسب وصيتها... وماذا عن المفقودين؟
يطالب أحد الحاضرين بالحصول على لوائح بما يتوافر من أسماء شهداء قد تحرّر جثامينهم «لكي نردّ على أسئلة الناس»، فيما يقدّم الأسير المحرّر عفيف حمود مثلاً يؤكد احتمال وجود الكثير من المفقودين: «براد مستشفى مرجعيون لم يكن يتسع لأكثر من 9 جثث، كلّ الجثث التي كانت تزيد أو لا تعلن هوية صاحبها كان عملاء لحد يدفنونها من دون أن يُعرَف مكان الدفن، هل يمكن إيجاد آلية للمطالبة بمعرفة مكان وجود المقابر الفردية؟».
يسجّل ممثل الهيئة عطا الله حمود هذه الملاحظات وغيرها المتعلقة باحتفالات الاستقبال، بعد أن يتلو بياناً يشكر فيه المقاومة والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على الانتصار الكبير، ويدعو إلى المشاركة الفعالة في عرس الحرية «الذي سيسجل أكبر هزيمة للعدو الصهيوني بعد عدوان تموز عام 2006».