السنيورة ينفي علمه بتوزير قانصو والحريري يسعى للتوفيق بين مطالب الأكثريّةلم تحسم «قوى 14 آذار» مسألة تقاسم الحقائب الوزارية الست عشرة المخصّصة لها في الحكومة المقبلة، معوّلة على مساعي رئيس كتلة «المستقبل» الذي عاد فجر أمس إلى بيروت لبتّ هذا الأمر خلال الساعات القليلة المقبلة، فيما بدت المعارضة في حال انتظار
نشطت الاتصالات بين أركان الأغلبية لتذليل العقبات أمام اتفاقها على مسألة تمثيلها في الحكومة، وقاد هذه الاتصالات رئيس كتلة «المستقبل»، النائب سعد الحريري الذي التقى في السرايا الكبيرة الرئيس المكلف فؤاد السنيورة، وكذلك زار معراب.
وإلى جانب الهمّ الحكومي، برزت مواقف لرئيس الجمهورية، ميشال سليمان، من العلاقات اللبنانية ـــــ السوريّة، وأكد في مقابلة مع مجلة «الاكسبرس» الفرنسية أنه «مستعد للعمل» لتطبيع هذه العلاقات «في إطار الاحترام المتبادل لسيادة وحدود كل من البلدين» وتبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وعن المفاوضات غير المباشرة التي بدأت بين سوريا وإسرائيل، رأى سليمان أن «من حق سوريا اعتماد نمط المفاوضات الذي تريد»، مشيراً إلى أنه إذا وصلت هذه المفاوضات إلى نتائج إيجابية «فسيكون لذلك تداعيات إيجابية على مجمل النزاع الإسرائيلي العربي، ومن ضمنه لبنان الذي يواصل دفع الثمن مباشرة أو بالنيابة».
وندد بالاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على السيادة اللبنانية، وانتقد بشدة قرار لندن «وضع الجناح العسكري لـ«حزب الله» على لائحة المنظمات الإرهابية»، وقال: «لا يمكن أن أقبل، بأي حال من الأحوال، أن يوصف من يدافع عن أرضه ويحررها من المحتل بالإرهابي».

تحرّك الساعة لم يبدأ من الرابية

أما في الشأن الحكومي، فقد التقى الرئيس سليمان في قصر بعبدا الرئيس المكلف، فؤاد السنيورة، الذي أطلع الأول على نتائج مشاوراته الأخيرة في هذا الصدد، وأعرب السنيورة بعد اللقاء عن أمله بتأليف الحكومة العتيدة قبل سفر الرئيس سليمان إلى فرنسا، مجدداً قوله إنه راضٍ عن سير الأمور، وإن عقبات كثيرة ذلِّلَت، وأضاف: «أنا مطمئن إلى التقدم الحاصل وما جرى اليوم (أمس) مع الأكثرية»، مؤكداً أنه ليس هناك إشكالية معها.
ورداً على سؤال قال: «تسلّمت ترشيحات أكثرية الأقلية، غالبية الأعضاء، وقد اجتمعت بعدد منهم وكانت اجتماعات ودية تداولنا فيها في كثير من الأمور المتعلقة بطبيعة المرحلة المقبلة وكيفية التعامل والتداول ومقاربة المسائل التي تتعلق بالحقائب التي سيتولونها»، لافتاً إلى أن «هناك أسماءً أخرى لم تبحث معي مباشرة. ولا علم لي بمسألة توزير السيد علي قانصو، ولم أتسلم من أحد رسمياً أي اقتراحات أخرى، وهناك اسمان لم أتسلمهما». وأوضح أنه لن يكون له موقف بشأن توزير قانصو.
ورداً على سؤال آخر قال: «يعلم الرئيس (نبيه) بري سبب عدم إعلان التشكيلة حتى الآن، ويعلم أن هناك أسماءً من الأقلية لم تعلن بعد، وأن الشيخ سعد الحريري وصل صباح اليوم (أمس)»، نافياً وجود اتفاق بينه وبين الرئيس بري على إعلان الحكومة أمس، وقال: «لم يكن هناك من اتفاق، بل «ربما» هناك اتفاق. وأنا دقيق جداً في انتقاء عباراتي».
وعن الانتقادات التي وجهت إليه بسبب اللقاءات التي يعقدها مع المرشحين لتولي الحقائب واعتبارها «بدعة» قال: «واجبي يقضي أن أتصل بالجميع. وأنا الذي اقترحت على العماد ميشال عون أن آتي إلى دارته لتناول الغداء، بعد التفاهم معه على حصته في الوزارة. أما بالنسبة إلى مسألة «تك الساعة»، فصحيح أنني قلت إنه منذ ذلك اليوم بدأت الساعة بالتحرك، ولكن هذا لا يعني أنه من دارة العماد عون قد بدأت عقارب الساعة بالتحرك، بل المقصود أن العقبات التي أُزيلت سمحت بالتوجه إلى حل عقبات أخرى، وقد توجهت بعدها للقاء الرئيس بري وأنهينا المسألة».
ووصف الجلسة مع العماد عون بأنها «كانت جيدة ومفيدة، وتطرقنا إلى الكثير من النقاط في موضوع مقاربة المشاكل والقضايا التي ستواجهنا في المرحلة المقبلة».
وكان النائب الحريري قد أمل بعد لقائه الرئيس السنيورة تأليف الحكومة خلال فترة وجيزة وبسرعة، مشيراً إلى أن الكلام على وجود تعقيدات وعقد وحقائب ومشاكل مضخّم.
وأكد أنه «لا أحد يستبعد الآخر»، و«لا فرق بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وقرنة شهوان وكل القوى الموجودة في 14 آذار. قد يكون هناك أحزاب وتيارات عدة، ولكن القضية واحدة، وهي لبنان». وقال: «كنت أتمنى أنه خلال هذه الفترة التي نسمع فيها في وسائل الإعلام عن حصة مسيحية أو سنية أو شيعية، أن يتحدثوا عن الحصة اللبنانية في هذه الوزارة أو تلك. وأنا أرى أن الشعب اللبناني «عاف الدنيا» من الحصص الطائفية والمذهبية، ويريد حكومة لكي يسير البلد وتتحرك العجلة الاقتصادية، لذلك لا يراهن أحد على أي خلاف في صفوف 14 آذار، ولا على أي مشكل، ولا أحد يراهن على أن تيار المستقبل أو الحزب التقدمي الاشتراكي أو القوات اللبنانية أو الكتائب أو قرنة شهوان أو أي حركة سياسية في 14 آذار ستصبح خارج هذا التكتل»، مكرراً أنه لا خلافات بين هذه القوى، داعياً «كل وسائل الإعلام التي هي ضد 14 آذار إلى أن تخرج من هذه القصة، لأننا أثبتنا في 14 آذار في المفاصل الأساسية أن لدينا وحدة حال، وحين تصل الأمور إلى الاستحقاقات الأساسية كلنا نقف معاً».
ومساءً، زار الحريري معراب، حيث التقى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوّات اللبنانية» سمير جعجع.
وبعد اللقاء، جدّد الحريري التأكيد على عدم وجود أي خلاف داخل قوى 14 آذار، وقال: «إن قوى 14 آذار لا تتطلع إلى التمثيل الطائفي من مسلم أو مسيحي، بل هناك قضية 14 آذار والقسَم الذي يجمع كل قواها وهو قسَم الشهيد جبران تويني».
وأكد «أن الوزير في تيار المستقبل هو وزير لبناني بغضّ النظر إن كان مسيحياً أو مسلماً، كذلك الوزير في القوات اللبنانية هو وزير لبناني». ورأى «أن من يدّعي اليوم أنه حريص على حقوق المسيحيين أو المسلمين سعى إلى تعطيل تأليف الحكومة بعدما عمل على عرقلة الانتخابات الرئاسية فترة طويلة».
من جهته، لمّح وزير الأشغال العامة والنقل، محمد الصفدي بعد عقده ووزير الداخلية حسن السبع اجتماعاً تقويمياً في المديرية العامة للطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي، وقيامهما بجولة في أقسامه، أن موضوع توزيع الحقائب داخل قوى 14 آذار لم يحسم بعد.
ورداً على سؤال عما إذا كانت حقيبة الأشغال قد حسمت لمصلحة شخص يسميه النائب وليد جنبلاط، قال الصفدي: «ليس ضرورياً، ونحن نقول دائماً إننا جميعاً من فريق 14 آذار، وإن الاتفاق يكون من ضمن هذا الفريق على جميع المقاعد».
سئل: هناك معلومات تقول إنكم ستخرجون من 14 آذار إذا لم تحصلوا على وزارة الأشغال، ما ردكم؟ أجاب: «هذه معلومات. نحن في 14 آذار، وإن شاء الله، سنكمل اجتماعاتنا ونخرج باتفاق الجميع»، مشيراً إلى «أننا لا نتحدث عن حقائب، وهمنا أن تتألف الحكومة».
سئل: هل ستعطىحقيبة أخرى؟
أجاب ممازحاً: «يمكن الداخلية».
وأشار وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت، في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» إلى أن هناك تباينات داخل قوى 14 آذار، متوقعاً أن ينتهي هذا الموضوع صباح اليوم على أبعد تقدير، فيما أوضح وزير التنمية الإدارية جان أوغاسابيان، في حديث إلى الإذاعة نفسها أن التباينات تتعلق بحقيبة الأشغال «لكن لا اختلافات، فالموالاة متوافقة، وهي مصرة على وجوب تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن».
وأبدى النائب بطرس حرب «استياءه من التجاذبات الحاصلة في موضوع تأليف الحكومة والطريقة التي يتصرف بها الأطراف المعنيون لجهة الحقائب والأسماء وفرض الشروط والأسماء والمراكز»، مجدداً عدم رغبته في «المشاركة شخصياً في الحكومة التي وصفها بحكومة الأضداد والخلافات»، رافضاً تسميتها «حكومة وفاق وطني أو وحدة وطنية».

صفير: لم نغيِّر موقفنا وثوابتنا

ومن أوستراليا، عزا البطريرك الماروني نصر الله صفير الصعوبات التي تعترض تأليف الحكومة إلى «مداخلات عدة من الخارج، سواء من دول مجاورة، أو من دول أخرى لها مصالح في لبنان».
وعن رأيه بالانتقادات التي وجهت إلى بكركي قال صفير في مؤتمر صحافي عقده في مقاطعة فيكتوريا: «نحن لسنا أوصياء على الناس، فهم أحرار في ما يقولون وما يريدون، وربما مواقفنا لا تعجب البعض، ولكن من ينظر نظرة مجردة يرى أننا لم نغير موقفنا وثوابتنا».
وأوضح أنه ينظر إلى التفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» «نظرة عابرة، لأن الأمور تتبدل، ولا نبدي رأياً فيها».
إلى ذلك، رأت الأمانة العامة لـ«منبر الوحدة الوطنية» بعد اجتماعها برئاسة الرئيس الدكتور سليم الحص أن الطريقة التي انتهجها الرئيس السنيورة في تأليف الحكومة تثير كثيراً من العجب والاستغراب، إذ «جعل من نفسه وسيطاً يتلقى كل المواقف والآراء المتعلقة بتأليف الحكومة بدلاً من التصرف تصرف صاحب القرار، فاستغرق من الوقت في عملية التأليف أكثر كثيراً مما كان ينبغي»، موضحة أن «الدستور لا يملي ضمان موافقة جميع الكتل على التشكيلة بتفاصيلها قبل إعلانها، وما كان من المفترض انتظار عودة من كانوا خارج البلاد لأخذ موافقتهم قبل إعلان التشكيلة».
من جهة أخرى، دافعت السفارة السعودية في بيان عن الدور السعودي في لبنان، نافية الاتهامات «بتوزيع السلاح وإشعال فتنة سنية ـــــ شيعية». وأكد البيان «أننا مقبلون فعلاً على مرحلة جديدة يجب أن يعمل الجميع على تسهيلها وتنقية الأجواء أمامها»، داعياً إلى الكف «عن الشحن المذهبي والافتراء على المملكة، ومن لديه الإثبات ضدها فليعلنه على الملأ». وقال: «إن المملكة العربية السعودية هي مملكة الخير والإنسانية التي تدعم الإعمار وتبني المدارس والمستشفيات، وتعلي الجامعات والجسور وتقف إلى جانب لبنان في الأزمات والحروب وتدعم اقتصاده وتحتضن شعبه. كفى برامج مقيتة لا فائدة منها سوى التجريح ».
وأهاب «بوسائل الإعلام وبجميع أولئك الذين يحاولون زرع الفتنة أن يتقوا الله ربهم وأن يترفعوا عن الصغائر ويقدروا دقة المرحلة ويكونوا على مستوى هذا الوطن ويقلعوا عن إثارة الغرائز».

إخلاء موقع لـ«فتح ـــ الانتفاضة»

ووسط هذه الأجواء، برز تطور أمني تمثل بإخلاء حركة «فتح ـــــ الانتفاضة» موقعاً لها في منطقة «البلايط» الواقعة بين بلدتي حلوى وينطا (قضاء راشيا الوادي) عند الحدود اللبنانية ـــــ السورية. وقد غادر نحو 20 عنصراً الموقع الذي تسلّمه الجيش.
من جهة أخرى، صوّت البرلمان التركي أمس على تمديد مهمة القوات التركية العاملة في إطار قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان لمدة سنة إضافية.
الى ذلك، ذكر تلفزيون الجديد أن الإشتباكات تجددت مساء بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن واستعملت فيها الأاسلحة الخفيفة والمتوسطة. وافيد عن وقوع ثلاثة جرحى في جبل محسن إ