نادر فوزويلفت المتابع إلى أنّ سليمان لا يملك أي حق دستوري في تحديد المهل أو اتّخاذ أي قرار، «وهو ما واجهه الرئيس السابق إميل لحود قبل 22 تشرين الثاني الماضي». ويضيف أنّ الأهم لسليمان وجود حكومة داعمة له لـ«يتمكن من متابعة ملف مؤتمر باريس ـ 3 مع الأطراف الخارجيين المعنيين ».
من يعرقل تأليف الحكومة متّهم بإضعاف سليمان وموقع رئاسة الجمهورية. تقول الأكثرية إنّ الأقلية بإصرارها على توزير الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي، علي قانصو، تضع عقبة أمام الانتقال إلى العهد الجديد. أما الأقلية فتّتهم الأكثرية بعرقلة الحكومة عبر عدم حسم الأسماء والاعتراض غير المنطقي على اسم قانصو. بعيداً عن الأبعاد الداخلية للصراع، يطرح متابع للشأن المسيحي عدداً من أسباب العرقلة، بينها:
أولاً، اعتراض الفريق الأكثري على اعتبار سوريا وحلفائها في الداخل أكبر المساهمين في التسوية التي حصلت، ما يدفع المجتمع الدولي، وخاصة فرنسا، إلى الانفتاح أو تكريسه مع النظام السوري.
ثانياً، عدم استعجال حزب الله في تشكيل الحكومة، هذا التشكيل الذي من شأنه أن يعيد الطرف السنّي إلى دوره في السلطة، فـ«تخدم حالة المراوحة هذه المعارضة وتساعدها في كسب الوقت بهدف تحصين جبهتها السنية لمواجهة تيار المستقبل».
ثالثاً، وجود تمايز بين إيران وسوريا حول تشكيل الحكومة، إذ تسعى طهران إلى عدم جعل الحكومة ورقة رابحة فقط بيد السوريين ليتفاوضوا فيها في باريس .
إضعاف سليمان غير إضعاف موقع الرئاسة، لاختلاف الموضوعين بشكل جذري. إذ ليس من مصلحة الأطراف المسيحيين أو من أهدافهم إضعاف الرئاسة الأولى التي تمثّل الطائفة بشكل أساسي، «فالزعماء المسيحيون، رغم الحدّة والتنافس القوي في ما بينهم، يدركون أنّ هذا الصراع يجب أن لا يأتي على حساب بعبدا»، يقول المتابع. الرئيس سليمان وصل إلى بعبدا ضعيفاً يقول المتحدث، معدّداً بعض الملاحظات الأساسية: أسلوب انتخابه، إرباك الجيش والدولة في الشمال والبقاع، شكل انتهاء معارك أيار واتّفاق الدوحة الذي جرى التوافق عليه دون أخذ موافقة سليمان.
واستكملت المعركة السياسية ضد سليمان بعد انتخابه في «البحث في السماح له بتشكيل كتلة نيابية أو لا، ما يعني تحديد دوره بين الحكم والحاكم على صعيد لبنان والمجتمع المسيحي أيضاً»، بحسب المتابع. وفي قراءة لعملية إضعاف سليمان، يمكن استنتاج أنّ هذه المسألة تصبّ في مصلحة الأكثرية والأقلية معاً، إذ يكون بذلك «تقوية الأطراف السياسيين على حساب مؤسسات الدولة (في هذه الحالة رئاسة الجمهورية)، كما أنّ ممثلي المسيحيين في الطرفين غير راضين عن وصول رجل لا يملك تمثيلاً شعبياً وخبرة وتاريخاً في الحياة السياسية».
وفي ما يتعلق بالشق الآخر، يذكر المتحدث أنّ للطوائف مصالح في إضعاف موقع الرئاسة، «وهو مطلب إسلامي منذ ما قبل الحرب الأهلية وتمّ تحقيقه من خلال اتّفاق الطائف.
الرئيس سليمان يجلس مكتوفاً دون تقديم اقتراحات أو وضع القوى أمام مسؤوليتها، فيما هي تدمّره يوماً تلو الآخر. بين العجز والصمت المقصود والضياع تتدهور صورة بعبدا.