حادثتان أمنيتان بارزتان تركتا أثراً لافتاً يوم السبت الفائت، لكونهما، من ناحية، خرقتا هدوء الأسبوع الفائت، ومن ناحية أخرى غير مسبوقتين لناحية طبيعتهما. فقرب مخيم عين الحلوة في الجنوب، قُتِل شخص يشتبه في أنه انتحاري كان يريد تفجير نفسه بحاجز للجيش. وعلى تخوم مخيم نهر البارد شمالاً، قُتِل جندي في الجيش بانفجار داخل مركز لمخابرات الجيش.وأظهرت التحقيقات الأولية المتعلقة بحادثة الجنوب، أنه عند الخامسة والنصف من عصر السبت، شوهد شاب يركض باتجاه نقطة الجيش التي تفصل بين منطقة التعمير ومخيم عين الحلوة (قرب صيدا)، بعدما ترجل من إحدى السيارات، وكاد أن يصل إلى الحاجز، إلا أن أحد عناصر الجيش أطلق النار نحوه وأرداه قتيلاً.
وقد تم تداول روايتين عن الحادثة: الأولى تقول إن المهاجم كان يحمل بيده قنبلة يدوية، فيما تحدّثت الثانية عن أن المهاجم كان يرتدي حزاماً ناسفاً، وهما الروايتان اللتان أكّدهما بيان أصدره الجيش، متحدثاً عن الاشتباه بالشاب بعد سقوط قنبلة يدوية منه، «فاستدعاه عناصر الحاجز، فتمنّع عن المثول، وانطلق مسرعاً لتفجير نفسه بناقلة جند بحزام ناسف موضوع على خصره، حيث أطلقت باتجاهه النار، ما أدى إلى مقتله على الفور». وتابع البيان أن الخبير العسكري عطّل الحزام «الذي قدرت محتوياته بكيلوغرامين من مادة الـ«T.N.T» وكيلوغرام واحد من الكرات المعدنية». وعثر في حوزة القتيل على بطاقة هوية باسم محمود ياسين الأحمد ـــــ فلسطيني.
وبعد الحادثة، اتخذت وحدات الجيش إجراءات أمنية مشددة في محيط المخيم، وباشرت الشرطة العسكرية تحقيقاتها بإشراف القضاء.
وأصدرت لجنة المتابعة المنبثقة من كل القوى الفلسطينية في مخيم عين الحلوة بياناً أدانت فيه الحادث الذي رأت أنه «يستهدف أمن لبنان واستقراره ولا يخدم سوى المشروع الأميركي ـــــ الصهيوني في المنطقة».
ما حصل في الجنوب أتى بعد نحو 12 ساعة من حادثة في الشمال، وهي الأولى من نوعها منذ أيلول 2007، (تاريخ انتهاء المعارك بين الجيش و«فتح الإسلام» في مخيّم نهر البارد)، حيث انفجرت عبوة ناسفة داخل مركز لمخابرات الجيش في بلدة العبدة ـــــ عكّار، على بعد نحو 400 متر من المدخل الشمالي لمخيّم نهر البارد. وأدى انفجار العبوة إلى استشهاد المجنّد الممدّدة خدمته أسامة حسن (من بلدة ببنين ـــــ عكّار). وفيما اكتفى بيان الجيش بالإشارة إلى أنّ المجند «مكلف مهمة حفظ أمن في المنطقة المذكورة»، وأنه «بوشر التحقيق بالموضوع»، أوضحت مصادر أمنية أنّ العبوة انفجرت قرابة الساعة الرابعة والنصف من فجر السبت الماضي، وأنّ خبراء متفجرات فككوا عبوة أخرى كانت معدّة للانفجار داخل المركز.
وبعد الانفجار، ضربت قوى الجيش طوقاً أمنياً مشدداً، قاطعةً الطريق الدولي الذي يربط مستديرة العبدة بالحدود السورية، وتوقف العمل في مرفأ صيادي الأسماك المواجه للمركز، ومنع الإعلاميون من الاقتراب من المكان، قبل أن يعاد فتح الطريق وتخفيف الإجراءات الأمنية لاحقاً.
وكان المركز المذكور قد دُمّر جراء غارة إسرائيلية في تمّوز 2006، ما دفع إلى استخدام 3 حاويات كبيرة بدلاً منه. وذكرت مصادر مطّلعة أن لمركز المخابرات باباً خلفياً «مُهمَلاً عادة»، مرجِّحَة استخدامه من زارع العبوتين، إذا ثبت أنه من خارج المركز.