يعاني التلاميذ في البقاع مشكلة العثور على اختصاص جامعي يناسب تطلعاتهم، وخصوصاً مع افتقار الجامعات الخاصة والرسمية في المنطقة للاختصاصات كلها، وتمركزها في مناطق دون أخرى
البقاع ــ فيصل طعمة

ما إن يقترب التلميذ البقاعي من إنهاء مرحلة دراسته الثانوية، حتى يبدأ هاجس البحث عن التخصص الذي يحدد مستقبله. ومثل سائر التلاميذ، يأمل ابن البقاع أن يكون الاختصاص الذي يختاره على قدر تطلعاته، ويكفل له حياة كريمة، يتوّج به عقوداً من تحصيله العلمي، ويبدأ عندها هاجس البحث عن جامعة تتوافق مع إمكاناته المادية، والمناطقية، والاجتماعية. فكليات الجامعة اللبنانية الموجودة في البقاع تفتقر لأبسط المقومات، إن من حيث المباني المستأجرة والمعدّة للسكن في الأساس، أو من حيث افتقارها للمختبرات أو الاختصاصات العلمية. ويعاني التلميذ البقاعي مشكلة اللغة، إذ تعتمد 80% من الثانويات الرسمية البقاعية اللغة الإنكليزية في مقابل اللغة الفرنسية المعتمدة في الجامعات.
وفي ما يتعلق بالجامعات الخاصة وكلياتها المتنوعة، فإنها تمثّل عبئاً مادياً على الطلاب، بسبب أقساطها المرتفعة. كما أن معظمها متمركز في المناطق التي فيها كليات الجامعة اللبنانية في البقاع الأوسط. فالبقاع الغربي مثلاً، ليس فيه أي من كليات الجامعة اللبنانية، على الرغم من العدد الكبير من الطلاب الذين يتكبدون مشقة التنقل من أقصى البقاع الغربي وراشيا، لمتابعة دراستهم.
أما المشكلة الأبرز التي يواجهها الطلاب، في معرض اختيارهم الاختصاص الذي يريدون، فهي عدم معرفتهم المسبقة بتفاصيل الاختصاص من جهة، ومقدار حاجة السوق له. وهذا عائد إلى أن المناهج التعليمية في المرحلة الثانوية، تخلو من أي برامج توعية تؤمن أرضية ينطلق منها الطالب لاختيار الاختصاص الذي يريد، فيصطدم عند تخرجه بضيق فرص عمل، فالمجال الذي تخصص به، لم يكن من اختياره بل كان حسب قدراته المادية والاجتماعية، والكليات المتوافرة في البقاع.
ويؤكد نقيب المحامين سمير ضومط أن هناك أعداداً كبيرة من الطلاب يتخرجون من كليات الحقوق، دون علمهم بمدى قدرة هذه المهنة على استيعابهم، فعلى الرغم من الأعداد الكبيرة من المتخرجين، يبقى الاختيار على من يتمتع بالخلقية المهنية، وهذا ما يبرر نجاح الكثير من المحامين في مهنتهم، فيما آخرون لا عمل لهم. مضيفاً «إن من يريد أن يتخصص في الحقوق من الطلاب، عليه أن يحب مهنته ويعمل بها، وليس فقط للحصول على الإجازة الجامعية».
أما المدير الإداري للجامعة اللبنانية الدولية ـــ فرع البقاع الغربي باسم مظلوم فقال إنه عند افتتاح كليات الجامعة عام 2002، كان هناك حرص على تأمين اختصاصات يفتقر إليها البقاع، وخصوصاً العلمية منها. ويضيف مظلوم أنه إلى جانب كليات الصيدلة، والهندسة بكل فروعها، ستُفتتح كليات الطب بعد الانتهاء من المستشفى المخصص لهذه الغاية، «هذا فضلاً عن تأمين منح تتلاءم مع إمكانات الطلاب، تقوم بدراستها لجنة المنح». تجدر الإشارة إلى أن الجامعة اللبنانية الدولية هي الوحيدة في منطقة البقاع الغربي وراشيا.
تلميذة علوم الحياة في ثانوية بر الياس الرسمية لينا حمية لم تحسم مسألة اختيار الاختصاص الذي تريده بعد، رغم أنها في السنة النهائية من المرحلة الثانوية. «لا أدري ما الاختصاص الذي سأدرسه في الجامعة، وخصوصاً أننا على أبواب الامتحانات الرسمية، فمجالات الاختيار في البقاع محصورة جداً، وفي النهاية سوف تختار ما يناسبك مادياً ومناطقياً، واجتماعياً، وليس بالضرورة أن تختار ما تحب» تقول لينا. وتضيف أن هامش الاختيار ضيق جداً، وخاصة في ما يتعلق بالاختصاصات العلمية، فكليات الجامعة اللبنانية في زحلة، محصورة بالحقوق والعلوم السياسية والآداب، ولا تعرف لينا إذا كانت ستتمكن من متابعة دراستها في بيروت: «المسألة قد تصطدم ببعض العادات البقاعية غير المألوفة حتى الآن».