طرابلس ـ عبد الكافي الصمدليست هذه المرة الأولى التي ترتفع فيها أصوات داخل الطائفة العلوية للمطالبة بتمثيلها في الحكومة، بل سبقتها محاولات لم يكتب لها النجاح، نظراً للتوازنات القائمة في عملية تقاسم الحصص والحقائب الوزارية بين الطوائف الإسلامية، التي لم تلحظ إدخال العلويين إلى صلب السلطة التنفيذية، وبقاء الأمر مقتصراً على الطوائف المحمديّة الثلاث: السُنّة والشيعة والدروز.
ويعود استبعاد العلويين إلى سببين: الأول متمثل بضعف حضورهم في تاريخ لبنان الحديث، منذ الاستقلال عام 1943 وحتى اتفاق الطائف عام 1989، نظراً لكونهم أقلية سكانية صغيرة (65 ألف نسمة تقريباً)، يقتصر وجودها على محلة جبل محسن في طرابلس (60 في المئة من أبناء الطائفة يقطنون في هذه المنطقة)، وبعض قرى سهل عكار (38 في المئة)؛ والسبب الثاني غياب أيّ تمثيل للطائفة في المجلس النيابي طوال تلك الفترة، إلى أن فتح اتفاق الطائف الأبواب أمام العلويين بحصولهم على مقعدين، بعد زيادة عدد مقاعد المجلس من 99 إلى 128. ولم يقتصر ما تعتبره الطائفة تهميشاً أصاب العلويين على الجانب السياسي، بل إنّ أبناء الطائفة بقوا بلا مجلس ديني يمثلهم حتى صدور قانون تنظيم شؤون الطائفة العلوية في 17/8/1995.
ومع أنّ وجود السوريين في لبنان أسهم في حصول العلويين على حصّة نيابية، فإنّ ذلك لم ينسحب على حصّة حكومية مماثلة. وكانت المحاولة الأبرز ما جرى عقب انتخابات عام 2000، عندما اقترح توسيع الحكومة التي كلف الرئيس رفيق الحريري تشكيلها آنذاك إلى 32 عضواً، للإفساح أمام العلويين بدخول السرايا للمرة الأولى في تاريخهم، وطرح اسم النائب السابق أحمد حبوس لهذا المنصب، إلا أنّ تلك المحاولة لم تتكلل بالنجاح.
فالنائب مصطفى حسين أشار بعد لقائه الرئيس سليمان في استشارات التكليف، إلى أنّه لم يسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة، «لأنّنا همشنا في الدوحة ولم نكن موجودين، والآن نشعر بأنّنا مهمشون في التشكيلة الحكومية».
هذا الموقف تناغم مع موقف النائب الآخر في الطائفة، وعضو كتلة المستقبل بدر ونوس، رغم التباعد السياسي بينهما، إذ شدّد ونوس على «تحقيق هذا المطلب، لأنّه إذا لم نمثل فلن يكون التمثيل عادلاً»، لافتاً إلى أنّه «جرى تداول الأمر مع المعنيين، وكان ردّهم أنّ «الدقّ محشور الآن، لكنّهم وعدوا بدرسه».
وفيما وجّه الحزب العربي الديموقراطي، الذي يرأسه النائب السابق علي عيد، نداءً إلى الرئيس سليمان أمل فيه «عدم تهميش الطائفة العلوية في الحكومة المقبلة، أسوة بسائر الطوائف في لبنان»، طالب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي بتمثيل الطائفة العلوية بمقعد وزاري، معتبراً أنّ لبنان «لا ينهض ولا يقوم إلا على التكافل الاجتماعي والطائفي والعيش المشترك، ولا سيما أنّ الأقليات من الطوائف المسيحية قد حظيت بما يتلاءم مع واقعها».
واعتبر عاصي أنّ الطائفة العلوية «غُبنت وحُرمت وعانت كثيراً منذ عهد الاستقلال»، مطالباً «المعنيين الذين يطبخون في المطابخ الدستورية لتركيبة هذه الحكومة أن لا يتناسوا حقّ أيّ طائفة».
بدوره اقترح نائب رئيس المجلس محمد عصفور «توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً، بحيث تمثل الطائفة العلوية وسائر طوائف الأقليات المسيحية».