نهر البارد ـ عبد الكافي الصمدحملت المرحلة الأولى من عملية هدم الجزء القديم من مخيّم نهر البارد وجرفه، وإزالة الركام منه، تمهيداً لإعادة إعماره، كثيراً من اللغط الذي لم تفلح توضيحات صادرة عن وكالة غوث اللاجئين الأونروا في احتوائها، ولا في التخفيف من قلق سكّان المخيّم وهواجسهم حيال مستقبل مخيّمهم، ومصير خطة إعادة إعماره.
وكانت المرحلة الأولى بدأت، أمس، عندما شرعت الشركة المتعهدة في مباشرة عملها بجرف مجمع وكالة الأونروا في الجزء القديم من المخيّم ( يضمّ مدارس، مكاتب، مستوصفات وغيرها)، وإزالة الركام منه، بعدما أعطت قيادة الجيش اللبناني الضوء الأخضر للوكالة، للبدء بعملية رفع الركام من المجمع المذكور، تمهيداً لإعادة بنائه من جديد.
وقد دفع ذلك حشداً من سكّان المخيّم إلى محاولة الاقتراب والدخول إلى الجزء القديم، لمعاينة العملية عن قرب، إلا أنّ إجراءات الجيش اللبناني المشدّدة القائمة في محيطه منعت ذلك، ما أجبر غالبيتهم على الاكتفاء بمراقبة ما يجري عن أسطح بيوتهم، وسط حسرة كبيرة عبّروا عنها وهم يشاهدون أمام أعينهم إزالة جزء كبير من ذكرياتهم وجنى أعمارهم.
وفي حين أشارت مصادر في الأونروا إلى أنّ «خطة تدمير الجزء القديم من المخيّم وجرفه مقسّمة على سبع مراحل، وأنّ ما حصل هو تنفيذ المرحلة الأولى منها»، أوضحت الناطقة الرسمية باسم الأونروا في الشمال هدى الترك أنّ هذه «الخطوة هي الأولى على طريق إعادة إعمار المخيّم بشقيه القديم والجديد، ويتركز العمل اليوم على رفع الأنقاض والردميات من مجمع الأونروا الذي يضمّ عشرة مبان، تمهيداً للبدء بعملية الإعمار بعد مؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في 9 حزيران في بيروت، والذي سيكون مخصصاً لإطلاق صندوق الائتمان الخاص بإعادة الإعمار».
في موازاة ذلك، رأى المدير العام للأونروا في لبنان ريتشارد كوك أنّ «البدء بإزالة الأنقاض يُعدّ خطوة مهمّة ضمن إطار خططنا لإعادة إعمار مخيم نهر البارد، وهي رسالة إلى اللاجئين الفلسطينيين والعالم كله لتأكيد التزام الأونروا والحكومة اللبنانية بإعادة النازحين إلى المخيّم».
إلا أنّ أمين سرّ اللجنة الشعبية في المخيّم لطفي الحاج أحمد أشار إلى أنّ «ما جرى هو عمل منفرد بعيد عن الأطر الموضوعية، إذ جُرفت أجزاء من مجمع المدارس ومنازل المخيّم القديم، لم نستطع التحقق منها، نظراً للحظر الذي ما يزال قائماً لجهة منعنا من الدخول إليه»، لافتاً إلى أنّه «كنّا نفضل أن تبدأ عملية الجرف بعد توضيح جملة أمور تتعلق باستئجار الأراضي، وتحديد عملية البدء بإعادة إعمار المخيّم حسب الوعود التي أعطيت».
وأوضح الحاج أحمد أنّ «الجرف جرى من جانب جهات لا سلطة لنا عليها، ولا حدّ أدنى من التنسيق معها، كما لم يستجب الجرف لهواجس أهالي المخيّم والفصائل الفلسطينية، التي تتابع هذا الموضوع بقلق بالغ، وخصوصاً أنّ هذا العمل جرى في وقت ليس فيه حكومة لنراجعها بهذا الشأن، ولنبحث معها أموراً تتعلق باستملاك الأراضي، وإيجاد حلول لكثير من المعضلات القانونية، قبل البدء بعملية الجرف وإزالة الركام».
ورأى الحاج أحمد أنّ مجمع الأونروا «يعنينا كفلسطينيين، لأنّه مجمع يقدّم خدماته إلى اللاجئين كافة»، كاشفاً أنّ «ما يجري يهدف في العلن إلى جرف المجمع المتهالك وتدميره، تمهيداً لإعادة بنائه مجدّداً، أمّا ما لم يُعلن فيتعلق بردم الملاجئ الموجودة في المجمع وصبّها، وطمرها نهائياً تمهيداً لإلغائها، من غير أن نعرف من يقوم بهذا العمل، وكيف، ولماذا تجري عملية استعجال تدمير الملاجئ بهذه السرعة؟».
وأشار الحاج أحمد إلى أنّه «لم نلمس حتى الآن من خلال الأعمال التي أنجزت في الجزء الجديد من المخيّم، ما يوحي بكبير أمل حيال ما هو منتظر في الجزء القديم منه، وأنّ هذه الهواجس أبلغناها إلى الأونروا أخيراً، لأنّها هواجس تعنى بملفات إعمار المخيّم، وعمل الأونروا، والطبابة، والتعليم، واستملاك الأراضي لإعادة البناء، فضلاً عن ترك المخيّم معزولاً عن محيطه اللبناني، وخصوصاً بعد تراجع وصول المساعدات إلى النازحين العائدين منذ أشهر عدّة، وارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى نحو 72 في المئة من سكّان المخيّم، في ظلّ ارتفاع الأسعار، وخصوصاً المتعلقة بالمواد الغذائية والتموينية».
وإذ لفت الحاج أحمد إلى أنّ الأونروا «تعلق آمالاً على اجتماعاتها المرتقبة مع الحكومة في المرحلة المقبلة»، فإنّه أشار إلى «أنّنا ننتظر ما سيخرج به مؤتمر الدول المانحة لإعادة إعمار المخيّم، الذي سيعقد في 23 من الشهر الجاري في العاصمة النمساوية فيينا، والذي سيسبقه لقاء تحضيري تنظمه الأونروا ولجنة الحوار اللبناني ـــ الفلسطيني، يتناول خطة إعادة الإعمار في 9 حزيران في بيروت».