باريس ـ بسّام الطيارةيصل الرئيس الفرنسي غداً في العاشرة وخمس عشرة دقيقة إلى مطار بيروت، آتياً من أثينا، ويستقبله الرئيس اللبناني ميشال سليمان. إلا أن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون الذي يرافق ساركوزي في زيارة نادرة لرئيسي السلطة التنفيذية في آن واحد، سيصل إلى مطار بيروت مباشرة من باريس في طائرة تقلع الساعة الرابعة صباحاً، ليتسنى للوفد المشاركة في احتفال الاستقبال الرسمي. وسيكون الوفد الزائر من أضخم الوفود الرسمية التي زارت لبنان. ومن المتوقع أن يرافق فيون زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان الذين عرض عليهم الرئيس مرافقته، في خطوة رأى فيها البعض «إقحام السياسة الداخلية في الملف اللبناني»، فيما يرى فيها العديدون برهاناً على وقوف «الشعب الفرنسي صفاً واحداً وراء لبنان واستقلاله» كما صرح مصدر مقرب من الإليزيه الذي لم يتردد في وصف الأمر بأنه «إشارة من الديموقراطية الفرنسية إلى الديموقراطية اللبنانية».
يضم الوفد كلاً من فرنسوا هولاند زعيم الحزب الاشتراكي وفرنسوا بايرو زعيم حزب الوسط وماري جورج بوفيه زعيمة الحزب الشيوعي، بينما سيتمثل حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (اليميني الحاكم) بأمينه العام باتريك ديفيدجيان ونائب رئيس الاتحاد (رئيسه هو ساركوزي نفسه) جان بيار رافاران، إضافة إلى زعيم كتلة الأكثرية النيابية جان فرنسوا كوبيه.
وحسب ما عرف من برنامج الزيارة، فإن ساركوزي سيتوجه بمرافقة سليمان إلى قصر بعبدا لعقد خلوة مع سليمان قبل أن ينضم إليهما سائر الوفد الرسمي. ومن المنتظر أن يولم الرئيس اللبناني على شرف الوفد الفرنسي وعدد من المدعوين اللبنانيين بينهم، حسب ما أكده مصدر في الإليزيه، «الممثلون الأربعة عشر لطاولة الحوار الوطني» وفي مقدمهم الرئيسان بري والسنيورة، وقال المصدر إن النائب محمد رعد سيمثل حزب الله في هذا اللقاء.
وقد رفض أكثر من مصدر أن «ينفي أو يؤكد» أن الزعماء السياسيين الفرنسين سوف يلتقون مع ممثلي المعارضة وممثلي حزب الله بالتحديد، وشدد مصدر على أن «اللقاء مفتوح للصدف» في إشارة إلى إمكان «تخاطب ساركوزي أو أي مسؤول فرنسي مع ممثل حزب الله». ولم يعرف ما إذا كان ساركوزي سيلتقي أياً من الزعماء الدينيين، إلا أن أكثر من مراقب يشير إلى أنه إذا لم يحصل هذا النوع من اللقاءات، فستكون أول مرة يأتي فيها مسؤول فرنسي بهذا المستوى إلى لبنان دون أن يلتقي البطريرك الماروني.
ولن يستغرق حفل الغداء مدة طويلة، لأن الرئيس الفرنسي سينتقل بحلول الساعة الأولى والربع بطائرة هليكوبتر إلى قاعدة القوات الفرنسية المشاركة في قوات اليونيفيل في الجنوب، يرافقه أيضاً رئيس الوزراء ولكن بطائرة أخرى و«لأسباب أمنية» كما صرح لـ«الأخبار» مصدر مقرب. وبعد زيارة الجنود الفرنسيين بحضور الجنرال الإيطالي غراتسيانو من المنتظر أن يعود ساركوزي إلى المطار مباشرة حيث يودعه الرئيس سليمان بعد لقاء قصير على أن تقلع الطائرة في الرابعة والنصف.
إلا أن بعض القريبين من تنظيم الزيارة يقولون إن ساركوزي سيقوم قبل عودته إلى المطار بزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليضع عليه إكليلاً. ومن المتوقع أن تحط طائرة الهليكوبتر على مقربة من وسط بيروت، مما يؤمن حداً أقصى من الاحتراز الأمني.
وصرح مصدر مسؤول بأنه رغم مرافقة وزير الدفاع هيرفيه موران بالإضافة إلى وزير الخارجية برنار كوشنير فلن يجري توقيع أي تفاق بين البلدين، والبحث في إعادة تفعيل مقررات مؤتمر باريس ٣ ينتظر تأليف
الحكومة.
ويجمع معظم المطلعين على أن «تنفيذ اتفاق الدوحة» هو «هدف اليوم مهما تكن الخطوات اللازمة» ويجب تنفيذه «مئة في المئة»، لأن هذا الاتفاق هو في نظر الجميع «اتفاق أمل» على هشاشته.
ويجدر بالذكر أن ساركوزي استقبل في الإليزيه في لقاء غير معلن رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها محمد بن جاسم دون أن تتسرب أية معلومات عن اللقاء. إلا أن مصادر شددت على أن زيارة ساركوزي للبنان قد وضعها «الحليفان» في إطار دعم اتفاق الدوحة وأن باريس لن تقبل بأي تراجع عن تنفيذ هذا الاتفاق الذي يقضي بتأليف حكومة وحدة وطنية تتكفّل تنظيم الانتخابات، فضلاً عن شروع الرئيس سليمان في جمع طاولة الحوار.
وتقول بعض المصادر إن باريس والدوحة لن تسمحا لأي «تجاوز أمني أو تشدّد في مفاوضات تأليف الحكومة» بعرقلة الاتفاق الذي عملتا عليه منذ أسابيع، في إشارة إلى «رسائل التململ والبيانات الأمنية» التي وصلت إلى الجهتين، وتزداد صعوبة القبول بتراجع بعدما «كشفت باريس أوراقها» بإعلانها إعادة قنوات التواصل مع العاصمة السورية والتشديد على «الدور البنّاء الذي قام به النظام السوري بتسهيل الوصول إلى حل» كما نقل لـ«الأخبار» مصدر موثوق جداً، وخصوصاً أن «بعض الذين تعاملوا بالملف اللبناني بدأوا بانتقاد التسرع الساركوزي» بالانفتاح على عاصمة الأمويين. ويقول أكثر من مقرب إن من غير المحتمل أن لا يقوم ساركوزي بهذه الخطوة البروتوكولية حاملة المعاني الكبرى للبلدين، ورأى البعض أن من الممكن أن يكون الرئيس السابق شيراك قد حثه على هذه الخطوة المهمة خلال الغداء الذي جمعه أخيراً في مطعم صيني قريب من الكي دورسيه.