حسين يتيم (نائب سابق)إن ما يجري في بعض أحياء بيروت من أحداث أمنية متجددة، وما يجري من محاولات للتعدي على الجيش اللبناني، بشكل مقصود، وما يجري من همس بغيض في الصالونات، يتحوّل إلى صوتٍ عالٍ بين أهل الحارات والبيوتات وأماكن العمل والمؤسسات، وما يجري من شحن طائفي ومذهبي من خلال الشاشات الصفراء وكل وسائل الإعلام السوداء، وما يسمعه العالم من أفواه بعض السياسيين وأدعياء الدين من شتائم ليست من الأخلاق السياسية ولا هي من الدين في شيء، كل هذا يمثّل هبوطاً مزرياً في الخطاب السياسي في بلد الحرية والثقافة لبنان.
إن الذين تقاتلوا بالسلاح في بيروت ثم ذهبوا إلى صلح ثابت في دوحة قطر، تبادلوا فيها القبلات الحارة، ثم اجتمعوا تحت قبة مجلس الشعب الذي فُتحت أبوابه على عافية لا على زغل، فتبادلوا الضحكات ثم عادوا وتبادلوا الخبز والملح حول المآدب العامرة، هؤلاء ما بالهم اليوم لا يلقون سلاح الإعلام بل عادوا يشهرونه، وما بالهم لا ينزلون صورهم ويافطاتهم عن سطوح المنازل وحيطان الناس.. وما بال الحكومة العتيدة لا تُؤلّف على أنف المتدخلين في بعض عواصم القرار العربي والأميركي، وما بال هؤلاء اللبنانيين الذين افتقدوا الوعي الوطني فراحوا يبحثون عنه في دوحة قطر، وقديماً وجدوه في طائف السعودية. وأخيراً ما بال هؤلاء الذين يبكون بيروت من عبث الدخلاء والغرباء، وفق مقولة ملتبسة لا تحدد الدخلاء والغرباء. والحال أن كل قائم للصلاة وطالب للعلم والعمل وداعيةٍ إلى الخير والفلاح والصلاح في بيروت هو من قلب بيروت ولو كان عبداً حبشياً. وإن كل قاتل ومجرم ومخرّب وخائن هو الدخيل وهو العميل وهو الغريب المريب ولو تحدّر من هاشم وقريش، إذ لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
فيا فخامة الرئيس سليمان، أدركنا بربك، قبل أن يضيع قادتنا الكبار في أحياء اللجا والطمليس في عاصمتنا العظمى بيروت.